ومن هنا لم تكن الصورة التي توحي بها تلك الرسائل كافيةً لاستيعاب التصوّر الشامل لأهمّية الاقتصاد الإسلامي وثماره المرجوّة في توفير السعادة والرفاه، ولكنّها مع هذا صورة لا غنى عنها، والهدف من تقديمها:
أولًا: تمكين الفرد المتديِّن من طاعة ربّه والخروج عن عهدة التكليف في سلوكه الخاصّ.
ثانياً: الحفاظ عملياً على ما يمكن للفرد المتديِّن من الحفاظ عليه وتبنّيه في واقع الحياة كتعبيرٍ حيّ عن الإيمان برسالة السماء، والإصرار على أ نّها هي المنهج السويّ للحياة، وعن الرفض الضمني لأيّ نظامٍ اجتماعيّ آخر.
ثالثاً: تحقيق نصيبٍ من العدالة الاجتماعية التي يتوخّاها الإسلام بالقدر الذي تتّسع له قدرة الفرد المتديّن في مجال التطبيق. وقد يكون من أروع الأمثلة على ذلك: الدور الإنساني الربّاني الذي تقوم به فريضتا الزكاة والخمس في مجال التكافل الاجتماعي ورعاية الفقراء البائسين، فإنّهما فريضتان ماليتان يمارس الأفراد الشرفاء المتديّنون تطبيقهما على الرغم ممّا يدفعون من ضرائب رسميةٍ، ويحرصون على أدائها خروجاً عن العهدة وشعوراً منهم بالمسؤولية الإسلامية تجاه كلّ الفقراء والمستضعفين في الأرض، ويقدِّمون بذلك مثلًا حيّاً على التكافل الاجتماعي بين أفراد الجماعة المسلمة.
غير أنّ تقديم هذه الصورة المحدّدة لا يُغني عن تقديم الصورة الكاملة التي تعطى إسلامياً لمجتمعٍ يريد أن يبني حياته على أساس الإسلام.
ما هي عناصر الصورة الكاملة؟
والسؤال الذي نواجهه: ما هي عناصر الصورة الكاملة؟ يفرض علينا أن نبدأ بتحليل العلاقات التي يمارسها الإنسان في حياته الاقتصادية، فإنّ الإنسان