فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ»[1].
وليس الذهب والفضّة إلّامثالين للنقد، والنقد هو الذي من شأنه أن يُنفَق، فهذا يعني أنّ إكثار النقد محرَّم. والاكتناز مفهوم مَرِن يتحدّد وفقاً لدرجة إمكانات تحرّك المال في الحياة الاقتصادية، ومدى القدرة المتوفّرة بصورةٍ نوعيةٍ على توظيف المال واستثماره، فكلّما كانت إمكانات التحرّك أكبر والقدرة على التوظيف أوسع نطاقاً كان تجميد المال في فترةٍ قصيرةٍ نسبياً اكتنازاً، بينما إذا تضاءلت إمكانات التحرّك وقدرات التوظيف وكانت الحياة الاقتصادية خاملةً بدرجةٍ واخرى لم يصدق الاكتناز إلّاعلى فترةٍ زمنيةٍ أطول، وقد يكون هذا هو السبب في اعتبار ركود المال لدى صاحبه سنةً كاملةً شرطاً في ثبوت زكاة النقدين، على أساس أنّ الحياة الاقتصادية وقتئذٍ لم تكن توفّر شروطاً أفضل لتحرك المال، فلكي يكون تجميد النقد اكتنازاً لابدّ أن يظلّ المال راكداً في حوزة صاحبه سنةً كاملة.
وتقوم الفكرة في حرمة الاكتناز على أساس النظرية الإسلامية عن النقد، فإنّ الإسلام يؤمن بأنّ التبادل في الأصل إنّما هو تبادل الطيّبات، أي تبادل سلعةٍ بسلعة، كما هي الحالة في عصر المقايضة قبل ظهور النقد؛ لأنّ هذا هو الاسلوب الوحيد الذي يكفل لكلِّ منتِجٍ في المجتمع أن يبادل منتوجه بما يسدّ حاجته، ولم يكن ظهور النقد للقضاء على جوهر المقايضة، بل لتيسيرها، فبدلًا من المعاوضة بين الحنطة والقطن يبيع زارع الحنطة حنطته بنقدٍ ويشتري بذلك النقد قطناً، فالمبادلة بين الحنطة والقطن ثابتة ولكن من خلال عمليتين.
[1] التوبة: 34