الإسلامي الدولة نفسها عن طريق بنكٍ رسمي، ولا يُسمَح بالاستثمارات المصرفية في القطّاع الخاصّ، وبهذا ينفصل الهدف التنموي لهذه العملية عن مغزاها الرأسمالي؛ إذ تصبح عملية تجميع الأموال عمليةً اجتماعيةً تنوب فيها الدولة- بمعنىً من المعاني- عن أصحاب الأموال أنفسهم، وأيّ قدرةٍ جديدةٍ يخلقها هذا التجمّع لن تكون ملكاً لفردٍ أو أفرادٍ محدودين، كاولئك الذين يسيطرون على النشاط المصرفي ويمسكون بزمام الحياة الاقتصادية كلّها في المجتمعات الرأسمالية.
(ثانياً): أنّ الدولة لا تعتمد في تجميع الأموال والكمّيات المبعثرة أو المدّخرة من النقود على الإغراء بدخلٍ ثابتٍ تحت اسم فوائد كما تصنع البنوك الرأسمالية، وإنّما تنطلق في رسم سياستها في هذا المجال من التركيب بين حقائق أو قضايا مستمدّةٍ من مذهبها الاقتصادي، ومستوحاةٍ من الروح العامّة للتشريع الإسلامي.
وهذه القضايا هي كما يأتي:
أ- إنّ الفائدة محرّمة؛ لأنّها في حقيقتها نوع من الأجر يتقاضاه الرأسمالي على انتفاع المقترِض بماله. والنظرية الإسلامية للُاجور تربط شرعية الأجر بوصفه لقاءَ ما يتفتّت من العمل المختزن في الشيء المستأجر خلال الانتفاع به. ورأس المال النقدي لا يتفتّت شيء من العمل المختزن فيه عند إعادته على صورة وفاءٍ للقرض، فلا يوجد إذن مبرّر للأجر من وجهة النظر الإسلامية.
ب- إنّ الإسلام حرّم اكتناز الذهب والفضّة وعدم إنفاقهما في سبيل اللَّه تعالى. قال اللَّه سبحانه وتعالى: «وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها