من دارٍ للتربية إلى أرضٍ لِلَّهو والفساد: «أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ»[1]، «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ»[2].
وأمّا حينما تتّخذ الدنيا طريقاً للآخرة- أي أداة ينمّي الإنسان في إطار خيراتها وجوده الحقيقي وعلاقته باللَّه وسعيه المستمرّ نحو المطلق في عملية البناء والإبداع والتجديد- فإنّ الدنيا تتحوّل في هذه النظرة العظيمة من كونها مسرحاً للتنافس والتكالب على المال الى مسرحٍ للبناء الصالح والإبداع المستمرِّ:
«وَ ابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ»[3]. وجاء في الحديث: «بِعْ دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً ولا تَبِعْ آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً»[4].
ولم يطرح الإسلام النظرة الطريقية إلى الدنيا بوصفها مجرّد تصورٍ ذهنيٍّ بحت، بل ربط النظرة بالسلوك الذي يجسِّدها، ودعا إلى إنزال هذه النظرة إلى مستوى الواقع والتعامل مع طيّبات الدنيا على أساسها.
وقد حدّد الإسلام التعبير العملي لهذه النظرة، فقال الرسول صلى الله عليه و آله ألهاكم التكاثر يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلّاما تصدّقت فأبقيت أو
[1] الحديد: 20
[2] آل عمران: 14
[3] القصص: 77
[4] بحار الأنوار 13: 422، الحديث 17