المسعور على طيّبات هذه الحياة وثرواتها المادية، سواء كان حرصاً مسعوراً في حالة هيجانٍ كما في نفوس المستغلِّين، أو في حالة كبتٍ كما في نفوس المستضعفين.
وهذه التربية لا يمكن أن تبدأ من داخل الجماعة التي انحرفت مسيرتها وتمزّقت وحدتها، بل لا بدّ من تربيةٍ تتلقّاها، ولابدّ من هدىً ينفذ إلى قلوبها من خارج الظروف النفسية التي تعيشها.
وهنا يأتي دور الوحي والنبوّة: «فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ»[1].
وتتحقّق بذلك كلمة اللَّه: «إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ»[2] بعد أن تحقّقت نبوءة الملائكة.
فالوحي وحده هو القادر على أن يؤمِّن التربية الثورية والخلفيّة النفسية الصالحة التي تنشئ ثائرين لا يريدون في الأرض علوّاً ولا فساداً، وتجعل من المستضعَفين أئمّةً لكي يتحمّلوا أعباء الخلافة بحقٍّ ويكونوا هم الوارثين: «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً»[3]، «وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ»[4].
والنبيّ الرسول هو حامل الرسالة من السماء والإنسان المبنيّ ربّانياً لكي يبني للثورة قواعدها الصالحة ويعيد الى الجماعة الشروط الحقيقية لاستعادة
[1] البقرة: 213
[2] البقرة: 30
[3] القصص: 83
[4] القصص: 5