مؤمناً بالإمام، وارتباطه بالمرجع على النحو المذكور يجعل منه مقلِّداً للمرجع.
وهناك فارق آخر أساسي بين النبيّين والربّانيين من الشهداء وبين الأحبار منهم، وهو أنّ النبيّ والربّاني- الإمام- يجب أن يكون معصوماً، أي مجسِّداً للرسالة بقيمها وأحكامها في كلّ سلوكه وأفكاره ومشاعره، وغير ممارسٍ لا بعمدٍ ولا بجهالةٍ أو خطاً أيّ ممارسةٍ جاهلية. ولا بدّ أن تكون هذه النظافة المطلقة متوفّرةً حتى قبل تسلّمه للنبوّة والإمامة؛ لأنّ النبوّة والإمامة عهد ربّاني إلى الشخص، وقد قال اللَّه تعالى: «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»[1]، فكلّ ممارسةٍ جاهليةٍ أو اشتراك ضمني في ألوان الظلم والاستغلال والانحراف تجعل الفرد غير جديرٍ بالعهد الإلهي.
وأمّا المرجعية فهي عهد ربّاني إلى الخطّ لا إلى الشخص، أي إنّ المرجع محدّد تحديداً نوعياً لا شخصياً، وليس الشخص هو طرف التعاقد مع اللَّه، بل المركز كمواصفاتٍ عامة، ومن هذه المواصفات العدالة بدرجةٍ عاليةٍ تقرب من العصمة، فقد جاء في الحديث عن الإمام العسكري عليه السلام: «فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعَوامّ أن يقلِّدوه»[2].
ولكنّ هذه العدالة ليس من الضروري أن تبلغ إلى درجة العصمة ولا أن يكون المرجع مصوناً من الخطأ بحالٍ من الأحوال. ومن هنا كان هو بدوره بحاجةٍ إلى شهيدٍ ومقياسٍ موضوعي: «لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ»[3].
[1] البقرة: 124
[2] وسائل الشيعة 27: 131، الباب 10 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20
[3] الحجّ: 78