سلامة المسيرة.
فالشهيد مرجع فكري وتشريعي من الناحية الإيديولوجية، ومشرف على سير الجماعة وانسجامه إيديولوجياً مع الرسالة الربّانية التي يحملها، ومسؤول عن التدخّل لتعديل المسيرة أو إعادتها إلى طريقها الصحيح إذا واجه انحرافاً في مجال التطبيق.
هذا هو المحتوى المشترك لدور الشهداء بأصنافهم الثلاثة.
ومع هذا فإنّ هناك فروقاً جوهريةً بينهم في طريقة أداء هذا الدور، فالنبيّ هو حامل الرسالة من السماء باختيار اللَّه تعالى له للوحي، والإمام هو المستودَع للرسالة ربّانياً، والمرجع هو الإنسان الذي اكتسب من خلال جهدٍ بشريّ ومعاناةٍ طويلةِ الأمد استيعاباً حيّاً وشاملًا ومتحرّكاً للإسلام ومصادره، وورَعاً معمّقاً يروِّض نفسه عليه حتّى يصبح قوةً تتحكّم في كلّ وجوده وسلوكه، ووعياً إسلامياً رشيداً على الواقع وما يزخر به من ظروفٍ وملابساتٍ ليكون شهيداً عليه.
ومن هنا كانت المرجعية مقاماً يمكن اكتسابه بالعمل الجادّ المخلص للَّه سبحانه وتعالى خلافاً للنبوّة والإمامة، فإنّهما رابطتان ربّانيتان بين اللَّه تعالى والإنسان النبيّ أو الإنسان الإمام، ولا يمكن اكتساب هذه الرابطة بالسعي والجهد والترويض.
والنبيّ والإمام معيَّنان من اللَّه تعالى تعييناً شخصياً، وأمّا المرجع فهو معيَّن تعييناً نوعياً، أي إنّ الإسلام حدّد الشروط العامة للمرجِع وترك أمر التعيين والتأكد من انطباق الشروط إلى الامّة نفسها؛ ومن هنا كانت المرجعية كخطّ قراراً إلهياً، والمرجعية كتجسيدٍ في فردٍ معيَّنٍ قراراً من الامّة.
وارتباط الفرد بالنبيّ ارتباطاً دينياً والرجوع إليه في أخذ أحكام اللَّه تعالى عن طريقه يجعل منه مسلماً بالنبيّ، وارتباطه بالإمام على هذا النحو يجعل منه