وبالمقارنة بين آيات الشهادة في القرآن الكريم نستخلص شروط الشهيد:
فالعدالة هي الوسطية والاعتدال في السلوك؛ الذي عُبّر عنه القرآن الكريم في قوله تعالى: «وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ»[1].
والعلم واستيعاب الرسالة هو استحفاظ الكتاب الذي عُبّر عنه قرآنياً بقوله سبحانه: «بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ»[2].
والوعي على الواقع القائم مستبطن في الرقابة التي يفترضها مقام الشهادة:
«فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ»[3]؛ إذ لا معنى للرقابة بدون وعيٍ وإدراكٍ لِمَا يراد من الشهيد مراقبته من ظروفٍ وأحوال.
والكفاءة والجدارة النفسية التي ترتبط بالحكمة والتعقّل والصبر والشجاعة هي الإمكانات التي توخّى اللَّه سبحانه وتعالى تحقيقها في الصالحين من عباده- من خلال المِحَن والتجارب والمعاناة الاجتماعية في سبيل اللَّه- وربط بها مقام الشهادة فقال: «إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ»[4]. فاللَّه تعالى يسلِّي المؤمنين ويصبِّرهم على المحن، ويبعث في نفسهم العزيمة ويعِدهم بمقام الشهادة إذا اجتازوا التجارب والمحن صابرين.
وهكذا نخرج من ذلك بأنّ الشهيد- سواء كان نبياً أو إماماً أو مرجعاً- يجب أن يكون عالماً على مستوى استيعاب الرسالة، وعادلًا على مستوى الالتزام بها
[1] البقرة: 143
[2] المائدة: 44
[3] المائدة: 117
[4] آل عمران: 140