على كمّياتٍ كبيرةٍ من النقد الى احتكارها وبيعها بنقدٍ أكبر مؤجّل، وعلى هذا الأساس نشأ الربا، وفتحت الأسواق الرأسمالية القروض الربويّة.
والإسلام يرى أنّ انحراف المجتمع في مجال المبادلة عن تلك الظواهر الثلاث التي استعرضناها أوّلًا يهدِّد سلامته ويقضي على التوازن الاجتماعي فيه، ويَخرج بالعمليات الاقتصادية عن مسارها الطبيعي، ومن هنا فإنّ الاقتصاد الإسلامي بعناصره الثابتة وعناصره المتحرّكة يضع سياسته على أساس تفادي هذا الانحراف بكلّ الأساليب الممكنة.
ولذلك فقد شجب الربا وحرّم الفائدة تحريماً باتّاً[1]؛ لأنّ الفائدة نتيجة للسعر الاحتكاري للنقد وليست أجراً في مقابل ما يتفتّت من العمل المختَزن.
فأنت حين تستأجر محراثاً لتستعمله تُفتِّت جزءاً من العمل المختزَن في المحراث من خلال استعمالك له، فترجعه الى صاحبه وقد فقد جزءاً ممّا كان مخزوناً فيه من العمل، فمن الطبيعي أن تدفع أجراً مناسباً لصاحب المحراث، وأمّا حينما تقترِض مبلغاً من النقود لتمويل مشروعٍ ثمّ تُعيد كمّية النقود الى صاحبها تكون النقود قد عادت دون أن تفقد شيئاً من العمل المختزَن فيها، فليس الأجر أو الفائدة هنا إلّاتعبيراً عن السعر الاحتكاري للنقد.
كما حرّم الإسلام اكتناز النقد وادّخاره[2]، ووضع في كثيرٍ من الحالات ضريبةً على النقد المكتنَز؛ لكي لا يتحوّل النقد عن دوره الطبيعي- كأداةٍ لتيسير المبادلة بين السلع المنتجة- إلى دوره الاحتكاري كأداةٍ لتجميع الثروة
[1] البقرة: 275، وأيضاً راجع وسائل الشيعة: 18: 117، الباب الأوّل من أبواب الرّبا
[2] التوبة: 34