لها، أو إنتاجه لطيّباتٍ اخرى يبادلها بالطيّبات التي ينتجها، أي إنّ الإنتاج كان هو الطريق للحصول على الطيّبات.
وأمّا المبادلة نفسها فليست أداةً لكسب الطيّبات، بل لتبادلها فقط، وهذا يعني أ نّها لا تخلق للفرد ثروةً جديدةً، وإنّما تضمن له إشباع كلّ حاجاته عن طريق تبديل ما لا يحتاجه من إنتاجه بما يحتاجه من إنتاج الآخرين.
فهناك إذن ثلاث ظواهر كانت تسيطر على عمليّة التبادل في عصر المقايضة هي باختصار:
أوّلًا: أنّ الإنتاج كان لا ينفصل عن الاستهلاك.
ثانياً: أنّ الادّخار باستمرارٍ لم يكن ممكناً.
ثالثاً: أنّ المبادلة نفسها لم تكن تحقّق كسباً جديداً للفرد.
وقد استطاع ظهور النقد- كأداةٍ عامّةٍ للتبادل ولتحديد قيم السلع- أن يؤثِّر على هذه الظواهر تأثيراً كبيراً. فبالنسبة الى الظاهرة الاولى أصبح بإمكان المنتِج أن يبيع السلعة بنقدٍ ويؤجِّل شراءه الاستهلاكي، وبهذا انفصل الإنتاج عن الاستهلاك.
وبالنسبة إلى الظاهرة الثانية لُوحِظ أنّ النقود غالباً لا تتناقص قيمتها بادّخارها، وبهذا أصبحت أداةَ ادّخارٍ واكتناز، وظهرت إمكانية الاحتكار.
وبالنسبة الى الظاهرة الثالثة أصبح بالإمكان استخدام عملية المبادلة نفسها لأجل الحصول على كسبٍ جديد؛ إذ يكفي أن يكون لدى الإنسان نقد كافٍ لشراء كمّيةٍ كبيرةٍ من سلعةٍ ما والتحكّم بعد ذلك ببيعها بأسعارٍ احتكارية، وبهذا يحصل على كسبٍ جديدٍ ناتجٍ عن عمليَّتَي المبادلة بصورةٍ منفصلةٍ عن أيِّ إنتاجٍ حقيقيّ للثروة، بل أصبح النقد نفسه بحكم قدراته التي اكتسبها في الحياة الاقتصادية سلعةً مطلوبةً لا لأجل الاستهلاك، بل لأجل الاستثمار. وانبرى اولئك الذين حصلوا