واحتكارها والتحكّم عن هذا الطريق بأسعارها.
وكذلك اتّجه الإسلام الى إلغاء عمليات المبادلة الطفيلية التي تفصل بين الإنتاج والاستهلاك، ومنع من بيع السلعة قبل قبضها[1]، وأعطى للتاجر مفهوماً يستبطن العمل والجهد، ولم يرخِّص للفرد في شراء منفعةٍ بثمنٍ وبيعها بثمنٍ أكبر مالم يقم بعملٍ يبرّر هذه الزيادة[2].
وقد جاء في العناصر الثابتة للإسلام النصّ على ذلك بالنسبة إلى مبادلة المنافع، وأكبر الظنّ أ نّه لم يأتِ نصٌّ مماثل بالنسبة إلى مبادلة السلع والأعيان؛ لأنّ مبادلتها كانت تعني عادةً- في الظروف التأريخية التي رافقت التشريع الإسلامي- العمل والجهد، ولا تنفصل عنهما، فإنّ العملية التجارية لم تكن وقتئذٍ منفصلةً عن عمليّات نقل السلعة وتوفيرها في المحلّ المناسب وتخزينها والحفاظ عليها. ومن أجل ذلك لاحظنا في الحلقة السابقة أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حدّد هويّة التجّار بقوله: «فإنّهم موادّ المنافع، وأسباب المرافق، وجلّابها من المباعد والمطارح، في برّك وبحرك، وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها»[3].
وعلى هذا الضوء فلابدّ أن يتّجه الاقتصاد الإسلامي بعناصره المتحرّكة في مجال مبادلة السلع والأعيان، نفس الاتّجاه الذي اتّخذته العناصر الثابتة في مجال مبادلة المنافع.
[1] انظر وسائل الشيعة 18: 65، الباب 16 من أبواب أحكام العقود
[2] انظر الكافي 5: 272 و 273، الحديث 4 و 8، والتهذيب 7: 204، الحديث 899، والخلاف 3: 494
[3] نهج البلاغة: الكتاب 53