الأول: أنّ الأشكال التي تتّخذها عملية الإنتاج والأوضاع الاجتماعية التي تتجسّد من خلالها، يجب أن تنسجم إسلامياً مع كرامة الإنسان وقيمه المعنوية وحقوقه الطبيعية التي يؤمن بها الإسلام، فما مارسته الرأسمالية من استغلال النساء والصبيان في عمليات الإنتاج بأرخص الاجور، وما قدّمته من تضحياتٍ بالقيم الخلقية وبروابط العائلة وبالصيانة المعنوية للمرأة في سبيل مصالح الإنتاج الرأسمالي، ممّا يرفضه الإسلام رفضاً باتّاً.
الثاني: أنّ الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي لا يتحرّك وفقاً لمؤشّرات الطلب في السوق فحسب، كما هي الحالة في المجتمع الرأسمالي، بل هو يتحرّك قبل كلِّ شيءٍ إيجاباً؛ لتوفير الموادّ الحيوية اللازمة لكلّ فردٍ مهما كانت ظروف الطلب في السوق، ويعتبر ذلك في المجتمع الإسلامي فريضةً يمارسها الأفراد كما يمارسون واجباتهم الشرعية وعباداتهم التي يتقرّبون بها إلى اللَّه تعالى.
ويتحرّك الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي سلباً؛ لشجب كلّ قطّاعات الإنتاج التي تخصَّص لتوفير سلع الترف والبذخ التي يتعاطاها المترفون والمسرفون.
وهكذا يُبنى الإنتاج في المجتمع الإسلامي على أن يوفّر للأفراد حياةً تتوفّر فيها كلّ مقوّمات المعيشة الصالحة وتنعدم منها كلّ مظاهر البذخ والاستهتار، خلافاً للمجتمع الرأسمالي تماماً الذي يتحرّك فيه الإنتاج وفقاً للطلب والقدرة الشرائية للطالبين، فيؤدّي ذلك إلى اتّجاه الإنتاج نحو توفير سلع الترف وأدوات التسلية وفنون التجميل؛ لأنّ طلبها يعتمد على القدرة الشرائية للأغنياء المترفين وتقاعس الإنتاج وانكماشه عن توفير السلع الحيوية بالقدر الكافي.
الثالث: أنّ الإنتاج في المجتمعات الرأسمالية يعاني في حالاتٍ معيّنةٍ من تضخّمٍ مصطنع؛ وذلك لأنّ الإنتاج يتحرّك وفقاً للطلب، والطلب لا يعني في المجتمع الرأسمالي طلب المستهلك الحقيقي، بل طلب المشتري، والمشتري كثيرا