وصيغها التشريعية.
ومثال ذلك: الصيغ التشريعية التي على الحاكم الشرعي أن يضعها وفقاً لصلاحياته؛ لمقاومة الاحتكار في كلّ ميادين الحياة الاقتصادية، والحيلولة دون ظهور أثمانٍ مصطنعةٍ بفعل التلاعب الاحتكاري بكمّية العرض والطلب، فإنّ هذه الصيغ لا تنفصل عادةً عن الدور القيادي للحاكم الشرعي، وتكون مجمَّدةً في حالة فردٍ متديّنٍ يعيش ضمن مجتمعٍ غير ملتزمٍ اجتماعياً بالإسلام.
ثالثاً: أنّ حالة الفرد المتديّن الذي يعيش ضمن مجتمعٍ لا يتبنّى الإسلام منهجاً للحياة هي حالة معقّدة وتحتوي تناقضاً بين التكليف الشرعي والضرورات التي لا يجد لها تبديلًا في المجتمع، وكثيراً ما تولّد ظروفاً شاذّةً لها أحكام استثنائية تختلف عن طبيعة الأحكام التي تأخذ موضعها الطبيعي في الصورة الكاملة لاقتصاد المجتمع الإسلامي.
ومثال ذلك: موقف الفرد المتديِّن من البنوك الحكومية في مجتمعٍ يؤمن نظامه بالربا، وموقف المجتمع الإسلامي من البنوك ذاتها، فالأول قد يسمح له بأخذ الفائدة على ما يودعه في تلك البنوك باعتبارها مالًا مجهول المالك، فيأذن له الحاكم الشرعي في أخذها وصرفها على نفسه وعلى الفقراء. وأمّا المجتمع الإسلامي فهو يرفض الفائدة رفضاً كاملًا، ويربط أرباح البنك بالعمل وبما تساهم به من جهدٍ منتجٍ في الحياة الاقتصادية.
وهكذا نلاحظ من خلال هذه الأسباب كيف تختلف الصورتان اختلافاً جوهرياً.
وفي أكثر الرسائل العملية تُقدَّم عادةً الصورة المحدودة؛ لأنّها تتعامل مع فردٍ متديِّنٍ يريد أن يطبِّق سلوكه على الشريعة رغم تواجده في مجتمعٍ غير ملتزمٍ بالإسلام منهجاً في الحياة.