مجتمعٍ كاملٍ يراد بناء وجوده على أساس الإسلام وإقامة اقتصاده وخلافته في الأرض على ضوء شريعة السماء.
والصورة المحدودة هي الصورة التشريعية التي تعطى إسلامياً في حالة فردٍ متديّنٍ يُعنى شخصياً بتطبيق سلوكه وعلاقاته مع الآخرين على أساس الإسلام، غير أ نّه يعيش ضمن مجتمعٍ لا يتبنّى الإسلام نظاماً في الحياة، بل يسير وفق أنظمةٍ اجتماعيةٍ وإيديولوجياتٍ عقائديةٍ اخرى.
والفارق بين الحالتين كبير، وتبعاً لذلك تختلف الصورتان. ويمكن أن نلخِّص أهمّ أسباب الاختلاف بين الصورتين في ما يلي:
أولًا: أنّ عدداً من الأحكام الثابتة في الشريعة الإسلامية يتجاوز قدرة الفرد ويعتبر حكماً موجّهاً نحو المجتمع، وهذا النحو من الأحكام لا موضع له في الصورة المحدودة التي ترسم للفرد المتديِّن سلوكه الاقتصادي، بينما هي جزء أساسيّ فيالصورة الكاملة لاقتصاد المجتمع الإسلامي. ومن أمثلة ذلك: وجوب إيجاد التوازن الاجتماعي في المجتمع الإسلامي بالمعنى الذي سيأتي شرحه، فإنّ هذا الوجوب يمثّل تكليفاً للمجتمع وقيادته العامة، وليس له مدلول عمليّ في التطبيق الدينيّ الفرديّ البحت.
ثانياً: أنّ المؤشّرات الإسلامية العامة التي تشكّل أساساً للعناصر المتحرّكة في الاقتصاد الإسلامي وما ينجم عنها من هذه العناصر، تدخل في تكوين الصورة الكاملة لاقتصاد المجتمع الإسلامي، مع أ نّها كثيراً ما لا تلعب أيَّ دورٍ في الصورة المحدودة لسلوك الفرد المتديّن؛ لأنّها على الأكثر ترتبط بصيغٍ تشريعيةٍ يضعها وليّ الأمر والحاكم الشرعي وفقاً لصلاحياته الشرعية وتجسيداً لمسؤولياته في قيادة المجتمع على ضوء تلك المؤشّرات. وأمّا حيث لا تكون المسألة مسألةَ قيادة مجتمع، بل توجيه فردٍ، فتختفي جُلّ تلك العناصر المتحرّكة