الإسلامي وتعبّر عن تطلّعاته في واقع الحياة. ومن هنا كانت ممارسات القائد المعصوم في هذا المجال ذاتَ دلالةٍ ثابتة، وعلى الحاكم الشرعي أن يستفيد منها مؤشّراً إسلامياً- بقدر ما لا يكون مشدوداً إلى طبيعة المرحلة التي رافقتها- ويحدِّد على أساس هذا المؤشّر العناصر المتحّركة.
ومن أمثلة هذا المؤشّر:
أولًا: ما روي في أحاديث عديدةٍ من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم منع في فترةٍ معينةٍ من إجارة الأرض، ففي روايةٍ أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليُزرِعْها أخاه، ولا يُكرِها بثلثٍ ولا بربعٍ ولا بطعامٍ مسمّى»[1]، وفي روايةٍ اخرى أ نّه قال: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه»[2]، وفي روايةٍ عن جابر بن عبد اللَّه أنّ النبيّ قال: «من كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يستطع … فليمنحها أخاه، ولا يؤاجرها إيّاه»[3].
فإنّ عقد الإجارة وإن كان قد سمح به من وجهة القانون المدني للفقه الإسلامي إلّاأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم يبدو من هذه الروايات أ نّه استعمل صلاحياته- بوصفه وليّ الأمر- في المنع عنها؛ حفاظاً على التوازن الاجتماعي، وللحيلولة دون نشوء كسبٍ مترفٍ لا يقوم على أساس العمل، في الوقت الذي يغرق فيه نصف المجتمع- المهاجرون- في ألوان العوز والفاقة.
ثانياً: ما جاء في النصوص من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم نهى عن منع فضل الماء والكلا، فعن الإمام الصادق عليه السلام أ نّه قال: «قضى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بين أهل
[1] كنز العمّال 15: 531، الحديث 42054
[2] سنن ابن ماجة 2: 820، الحديث 2452، ط دار إحياء التراث
[3] كنز العمّال 15: 531، الحديث 42053