للإضرار بالجماعة والتعدّي على الآخرين، وتوقّف دفع ذلك على انتزاعها، كما صنع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم في قصّة سمرة بن جندب[1]، فقد جاء في عدّة رواياتٍ[2]: أنّ سمرة بن جندب كان له عذق، وكان طريقه إليه في جوف منزل رجلٍ من الأنصار، فكان يجيء ويدخل إلى عذقه بغير إذنٍ من الأنصاري، فقال الأنصاري: يا سمرة، لا تزال تفجأنا على حالٍ لا نحبّ أن تفجأنا عليه، فإذا دخلت فاستأذن، فقال: لا أستأذن في طريقٍ وهو طريقي إلى عذقي، فشكاه الأنصاري إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، فأرسل إليه النبي، فأتاه فقال: إنّ فلاناً قد شكاك وزعم أ نّك تمرّ عليه وعلى أهله بغير إذن، فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل، فقال: يا رسول اللَّه أستأذن في طريقي إلى عذقي؟! فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم: خلِّ عنه ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا … فقال: لا … فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: إنّك رجل مضارّ، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن. ثمّ أمر بها رسول اللَّه فقُلعت ورُمي بها إليه.
وينبغي أن نشير هنا إلى أنّ العدل الذي قامت على أساسه مسؤوليات الجماعة في خلافتها العامة هو الوجه الاجتماعي للعدل الإلهي الذي نادى به الأنبياء، وأكّدت عليه رسالة السماء كأصلٍ ثانٍ من اصول الدين يتلو التوحيد مباشرة.
ولم يكن الاهتمام على هذا المستوى بالعدل الإلهي وتمييزه كأصلٍ مستقل
[1] سمرة بن جندب بن هلال بن جريح بن مُرّة الفزاري، له وقائع فظيعة. انظر الإصابة 2: 78، واسد الغابة 2: 354. مات سنة 51، وقيل: 59، وقيل: 60
[2] وسائل الشيعة 25: 428، الباب 12، الحديث 3. الكافي 5: 294، الحديث 8، التهذيب 7: 146، الحديث 36. من لا يحضره الفقيه 3: 103، الحديث 3423