وثالثاً: بالإقراض منها بدون فائدةٍ لأفرادٍ يعوزهم الحدّ الأدنى من الوسائل التي تدرّ عليهم المعيشة، وتتوسّم فيهم الكفاءة والأمانة، فيمدّهم البنك بقروضٍ لتكوين مشاريع إنتاجيةٍ صغيرةٍ بعد إسداء النصائح والتوجيهات اليهم، ووضع الترتيبات التي تكفل الإشراف على سير المشروع.
الدور الثاني: بالنسبة إلى الودائع التي تمّ إيداعها بالشكل الثاني، والبنك يقوم هنا باستثمار هذه الأموال في مشروعٍ من المشاريع الإنتاجية النافعة، فإن مارس ذلك بصورةٍ مباشرةٍ كان الربح بينه وبين المودِع، وإن اتّفق مع جهاتٍ أو أفرادٍ للقيام بذلك كان له دور الوساطة وعمولة لقاء هذه الوساطة، وأمّا الربح فهو بين الشخص العامل الممارس للعملية وأصحاب الودائع.
وبتنفيذ البنك في المجتمع الإسلامي لدوره بصورةٍ صالحةٍ وكاملةٍ سوف يحقّق نموّاً رأسمالياً بالمعنى الموضوعي بدرجةٍ عظيمة، وتوفيراً جيّداً لرأس المال القادر على تغطية مختلف مشاريع الانتاج، وبالتالي إقبالًا واسعَ النطاق على العمل ممّن يختارهم البنك اختياراً لا يقوم على أساس مدى قدرتهم على دفع الفائدة، بل على أساس مدى كفاءتهم في الإنتاج وبصيرتهم وحاجتهم، فينتشر رأس المال بين الأيدي العاملة والكفاءات البشرية المنتِجة نفسها في نطاقٍ واسع، ويقوم البنك في كلّ ذلك بدور التوجيه والإرشاد والإشراف، ويتحوّل معظم ذلك الجزء الكبير من القيمة المنتَجَة والثروة المتداولة التي كانت رؤوس الأموال تتقاضاه تحت اسم الفائدة أو الربح إلى الممارسين والعاملين أنفسهم، ويكفّ البنك عن تقديم القروض إلى المشاريع الرأسمالية الطفيلية التي تقوم في المجتمع الرأسمالي بوصفها حلقاتٍ وسيطة بين المنتِج والمستهلِك.