د- إنّ التربية الإسلامية للفرد في المجتمع الإسلامي على الإحسان والإيثار وخلق منطقٍ للمعاوضة مختلفٍ عن منطق المعاوضة المالية والمادّية- وهي التجارة التي لا تبور في مصطلح القرآن الكريم[1]– والحثّ الفائق على مساعدة المستضعفين، والإقراض للمحتاجين بروح الاخوّة والمحبّة وطلباً للثواب والمغفرة، إنّ ذلك كلَّه يشكّل أرضيةً روحيةً ونفسيةً فريدةً تنمو في مناخها الخاصّ دوافع الخير، وتتوفّر لدى كثيرٍ من الناس الرغبة في الإقراض من أجل الخير.
وليس هذا فرضاً مثالياً في المجتمع الإسلامي، بل هو حقيقة، وهناك مؤشّرات عديدة على هذه الحقيقة، ومنها صناديق القرض الحَسَن التي نشأت قبل قيام المجتمع الإسلامي، ونمت من خلال مشاعر الإحسان والإيثار التي جعلت عدداً كبيراً من الناس يتبرّعون بجزءٍ من أموالهم للإقراض بدون فائدة. فإذا كان هذا هو أثر التربية الإسلامية على فردٍ لم يعش في ظلّ مجتمعٍ إسلاميّ فما ظنّك بأثرها في إطار المجتمع الإسلامي المتكامل؟
(ثالثاً): بعد أن حدّدنا- في الفقرة السابقة- المركّب النظري الذي يعتمده البنك في المجتمع الإسلامي أساساً لممارسة مهمّته الموضوعية ودوره في الحياة الاقتصادية، نستطيع أن نتعرّف على الطريقة التي تُمكِّن البنك الإسلامي من تجميع الكمّيات المتفرّقة من النقد بدون إغراءٍ بالفائدة الربوية، ولا استعمالٍ للأساليب الرأسمالية، فإنّ البنك يعلن أ نّه حاضر لتلقّي أيّة كمّيةٍ من النقود يرغب صاحبها في إيداعها لديه، ويحدِّد شكلين لهذا التلقّي:
[1] فاطر: 29