للإسلام ووعيها الثوري عليه قادرة على تفسير الإسلام والتمييز بينه وبين السنن والأعراف الاجتماعية التي خلقتها العادات والتقاليد ومختلف العوامل والمؤثّرات المتحرّكة في المجتمع، كما أ نّها بحكم ارتباطها بالمصادر الشرعية للإسلام في الامّة، وبحكم ما تمارسه بوضوحٍ من خطوط الإسلام الصالحة التي تجمع الامّة على إسلاميّتها- كتحريم الخمر وتنفيذ فريضة الزكاة وأمثال ذلك- تكون قادرةً على إقناع الامّة والجزء الأعظم من المحافظين فيها بالتفسير الصحيح للإسلام وفصله عن كلّ أوضاع التخلّف من عاداتٍ وسننٍ وأخلاق.
وبهذا تتحوّل كثير من الطاقات السلبية إلى طاقاتٍ إيجابيةٍ في عملية البناء، فمثلًا أوضاع التخلّف التي تسيطر على المرأة المسلمة وعلى علاقاتها بمجتمعها وبالرجال، بدلًا من محاربتها على أساس مفاهيم السفور ومواقف الحضارة الغربية من علاقات المرأة بالرجل- الأمر الذي يصنِّف الجزء الأعظم من أفراد الامّة في الصفّ المعارض- يجب أن تحارب على أساسٍ دينيّ وانطلاقاً من توعية المسلمين على التمييز بين الأعراف والأوضاع الاجتماعية التي سبَّبت هذا التخلّف للمرأة وبين الإسلام الذي لا صلة له بتلك الأعراف.
وعن هذا الطريق يمكن أن نصحِّح القيم الخلقية الدينية التي اكتسبت طابعاً سلبياً من خلال أوضاع التخلّف ونحوِّلها من طابعها السلبي إلى طابعها الإيجابي الإسلامي الصالح.
فالصبر مثلًا قيمة خُلُقية إسلامية عظيمة، ولكنّه اتّخذ طابعاً سلبياً نتيجةً لأوضاع التخلّف في العالم الإسلامي، فأصبح الصبر عبارةً عن الاستكانة وتحمّل المكاره بروح اللامبالاة وعدم التفاعل مع قضايا الامّة الكبيرة وهمومها العظيمة، ولن تستطيع الامّة أن تحقِّق نهضةً شاملةً في حياتها ما لم تغيِّر مفهومها عن الصبر، وتؤمن بأنّ الصبر هو الصبر على أداء الواجب وتحمّل المكاره في سبيل مقاومة الظلم والطغيان والترفّع عن الهموم الصغيرة من أجل الهموم الكبيرة: «أَمْ حَسِبْتُمْ*