صريعاً في ساحة الحرب ومجاهدٍ يعمل من أجل كرامة الامّة ومقاومة الانحراف فيُغتال بالسيف أو السمّ.
وقد فَرض هذا الواقع المرير- ضمن تفصيلاتٍ لا يتّسع لها هذا البحث- أن يقرِّر الإمام الثاني عشر بأمرٍ من اللَّه تعالى التواري عن الأنظار انتظاراً للَّحظة المناسبة التي تتهيّأ فيها الظروف الموضوعية للظهور وإنشاء مجتمع التوحيد في العالم كلّه.
وكانت غيبة الإمام صدمةً مريرةً لقواعده الشعبية، وكان بالإمكان أن تؤدّي إلى تفتّتها وضياعها، غير أنّ الإمام تدرّج في الغيبة علاجاً لآثار هذه الصدمة، فبدأ بالغيبة الصغرى التي كان يتّصل فيها مع الخواصّ من شيعته حتّى أَلِفَ المسلمون هذا الوضع فأعلن عن الغيبة الكبرى، وبذلك بدأت مرحلة جديدة من خطّ الشهادة تمثّلت في المرجعية.
وتميّز في هذه المرحلة خطّ الشهادة عن خطّ الخلافة بعد أن كانا مندمجَين في شخص النبيّ أو الإمام؛ وذلك لأنّ هذا الاندماج لا يصحّ إسلامياً إلّافي حالة وجود فردٍ معصومٍ قادرٍ على أن يمارس الخطّين معاً، وحين تخلو الساحة من فردٍ معصومٍ فلا يمكن حصر الخطّين في فردٍ واحد.
فخطّ الشهادة يتحمّل مسؤوليته المرجع على أساس أنّ المرجعية امتداد للنبّوة والإمامة على هذا الخطّ.
وهذه المسؤولية تفرض:
أوّلًا: أن يحافظ المرجع على الشريعة والرسالة ويردّ عنها كيد الكائدين وشبهات الكافرين والفاسقين.
ثانياً: أن يكون هذا المرجع في بيان أحكام الإسلام ومفاهيمه مجتهداً، ويكون اجتهاده هو المقياس الموضوعي للُامّة من الناحية الإسلامية، وتمتد