الأرض وتربية الجماعة وإعدادها، ويكون شهيداً في نفس الوقت. وهذا القائد الربّاني هو الإمام.
ويجب أن يكون معصوماً؛ لأنّه يستقطب الخطّين معاً، ويمارس- وفقاً لظروف الثورة- خطّ الخلافة الى جانب خطّ الشهادة معاً. وعصمة الإمام تعني أن يكون قد استوعب الرسالة التي جاء بها الرسول القائد استيعاباً كاملًا بكلّ وجوده وفكره ومشاعره وسلوكه، ولم يعِشْ لحظةً شيئاً من رواسب الجاهلية وقيمها، ولم تُدنِّسه الجاهلية بأنجاسها ولم تُلبِسه المدلهمّات من ثيابها[1]؛ لكي يكون قادراً على الجمع بين الخطّين في دورٍ واحدٍ يمارس فيه عملية التغيير دون أن يتغيّر، ومواصلة الإشعاع النبويّ دون أن يخفت، واتّخاذ القرارات النابعة بكامل حجمها من الرسالة التي يحملها دون أدنى تأثّرٍ بالوضع الجاهلي الذي يقاومه.
فالإمام- كالنبيِّ- شهيد وخليفة للَّهفي الأرض من أجل أن يواصل الحفاظ على الثورة وتحقيق أهدافها، غير أنّ جزءاً من دور الرسول يكون قد اكتمل، وهو إعطاء الرسالة والتبشير بها، والبدء بالثورة الاجتماعية على أساسها. فالوصيّ ليس صاحب رسالة ولا يأتي بدينٍ جديد، بل هو المؤتَمَن على الرسالة والثورة التي جاء بها الرسول.
والإمامة ظاهرة ربّانية ثابتة على مرّ التأريخ، وقد اتّخذت شكلين ربّانيّين:
أحدهما: شكل النبوّة التابعة لرسالة النبيّ القائد، فقد كان في كثيرٍ من الأحيان يخلف النبيّ الرّسول أنبياءٌ غير مرسلَين يكلَّفون بحماية الرسالة القائمة
[1] بحار الأنوار 101: 200، باب زياراته صلوات الله عليه المطلقة- زيارة وارث، الحديث 32