«وَ ما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ»[1].
«وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ»[2].
فالنبوّة ظاهرة ربّانية تمثّل رسالةً ثوريةً وعملًا تغييرياً وإعداداً ربّانياً للجماعة لكي تستأنف دورها الصالح. وتفرض ضرورة هذه الثورة أن يتسلَّم شخص النبيّ الرسول الخلافة العامّة لكي يحقّق للثورة أهدافها في القضاء على الجاهلية والاستغلال: «وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ»[3] ويبني القاعدة الثورية الصالحة؛ لكي يمنَّ اللَّه عليهم ويجعلهم أئمّةً ويجعلهم الوارثين: «… فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»[4].
وبذلك يندمج خطّ الشهادة وخطّ الخلافة في شخصٍ واحدٍ وهو النبيّ، فالنبوّة تجمع كِلا الخطّين، ومن هنا اشترط الإسلام في النبيّ العصمة. وفي كلّ حالةٍ يُقَدَّر للخطَّين أن يجتمعا في واحدٍ- بحكم ضرورات التغيير الرشيد- نجد أنّ العصمة شرط أساسيّ في المحور الذي يُقَدَّر له أن يمارس الخطّين معاً؛ لأنّه سوف يكون هو الشهيد وهو المشهود عليه في وقتٍ واحد.
وخلافة الجماعة البشرية في مرحلة التغيير الثوري الذي يمارسه النبيّ باسم السماء ثابتة مبدئياً من الناحية النظرية، إلّاأ نّها من الناحية الفعلية ليست موجودةً بالمعنى الكامل، والنبيّ هو الخليفة الحقيقي من الناحية الفعلية، وهو
[1] سبأ: 34
[2] الزخرف: 23
[3] الأعراف: 157
[4] الأعراف: 157