صورة الاقتصاد الإسلامي بصيغٍ تشريعيةٍ تضمن تحقيقه؛ على أن تدخل هذه الصيغ ضمن صلاحيّات الحاكم الشرعي الذي يجتهد ويقدّر ما يتطلّبه تحقيق ذلك الهدف عملياً من صيغٍ تشريعيةٍ على ضوء ظروف المجتمع وشروطه الاقتصادية والاجتماعية.
ومثال ذلك النصّ القرآني الآتي: «ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ»[1]، فإنّ الظاهر من هذا النصّ الشريف أنّ التوازن وانتشار المال- بصورةٍ تشبع كلّ الحاجات المشروعة في المجتمع- وعدم تركّزه في عددٍ محدودٍ من أفراده، هدف من أهداف التشريع الإسلامي.
وهذا الهدف يعتبر مؤشّراً ثابتاً فيما يتّصل بالعناصر المتحرّكة، وعلى هذا الأساس يضع وليّ الأمر كلّ الصيغ التشريعية الممكنة التي تحافظ على التوازن الاجتماعي في توزيع المال وتحول دون تركّزه في أيدي أفرادٍ محدودين.
وتحارب الدولة الإسلامية التركيز الرأسمالي في الإنتاج والاحتكار بمختلف أشكاله.
ومثال آخر: أنّ نصوص الزكاة صرّحت بأنّ الزكاة ليست لسدِّ حاجة الفقير الضرورية فحسب، بل لإعطائه المال بالقدر الذي يلحقه بالناس في مستواه المعيشي، أي لابدّ من توفير مستوىً من المعيشة للفقير يلحقه بالمستوى العام للمعيشة الذي يتمتّع به غير الفقراء في المجتمع، وهذا يعني أنّ توفير مستوىً معيشيّ موحّدٍ أو متقاربٍ لكلّ أفراد المجتمع هدف إسلامي لابدّ للحاكم الشرعي من السعي في سبيل تحقيقه.
[1] الحشر: 7