تطوّر الدولة عن العائلة، ونؤمن بأنّ الدولة ظاهرة نبوية، وهي تصعيد للعمل النبوي، بدأت في مرحلةٍ معيّنةٍ من حياة البشرية.
ومن ناحيةِ وظيفة الدولة نرفض إسلامياً المذهب الفردي أو مذهب عدم التدخل المطلق- أصالة الفرد-، والمذهب الاشتراكي أو أصالة المجتمع، ونؤمن بأنّ وظيفتها تطبيق شريعة السماء التي وازنت بين الفرد والمجتمع، وحمت المجتمع لا بوصفه وجوداً هيغلياً[1] مقابلًا للفرد، بل بقدر ما يعبّر عن أفراد وما يضمّ من جماهير تتطلّب الحماية والرعاية.
ومن ناحية شكل الحكومة تعتبر الحكومة قانونيةً، أي تتقيّد بالقانون على أروع وجه؛ لأنّ الشريعة تسيطر على الحاكم والمحكومين على السواء.
كما أنّ النظرية الإسلامية ترفض الملكية- أي النظام الملكي- وترفض الحكومة الفردية بكلّ أشكالها، وترفض الحكومة الارستقراطية، وتطرح شكلًا للحكم يحتوي على كلّ النقاط الإيجابية في النظام الديمقراطي مع فوارق تزيد الشكل موضوعيةً وضماناً لعدم الانحراف، فالامّة هي مصدر السيادة في النظام الديمقراطي، وهي محطّ الخلافة ومحطّ المسؤولية أمام اللَّه تعالى في النظام الإسلامي، والدستور كلّه من صنع الإنسان في النظام الديمقراطي ويمثّل- على أفضل تقديرٍ وفي لحظاتٍ مثاليةٍ- تحكّم الأكثرية في الأقلّية، بينما تمثّل الأجزاء الثابتة من الدستور شريعة اللَّه تعالى وعدالته التي تضمن موضوعية الدستور وعدم تحيّزه.
فالشريعة الإسلامية التي وضعت- مثلًا- مبدأ الملكية العامة وملكية الدولة إلى جانب الملكية الخاصّة، لم تعبّر بذلك عن نتاج صراعٍ طبقيّ أو تقديمٍ لمصالح هذا الجزء من المجتمع على ذلك الجزء، وإنّما عبّرت عن موازين العدل والحقّ،
[1] نسبة إلى الفيلسوف الديالكتيكي هيغل( 1770- 1831) م