الفترات التي شجبت فيها التجربة وعصفت بها أهواء كثيرٍ من الظالمين.
ولنذكر مثالًا لا من عهد الرسول الأعظم والخلفاء، بل من عهدٍ أقلّ تأ لّقاً منه بكثير، ففي عصر عمر بن عبد العزيز كان جيش المسلمين بقياده قتيبة قد اتّفق مع أهل سمرقند على بنودٍ معيّنة، ودخل البلد ولم يفِ لأهل البلد بما اتّفق معهم عليه من التزامات، فشكاه أهالي البلاد إلى الخليفة، فأمر الخليفة قائده الفاتح وممثّلي أهالي البلاد بالمثول بين يدَي القاضي ليحكم بينهم بالعدل، فحكم القاضي لأهل البلاد وألزم الجيش الفاتح بالانسحاب، فهل رأيتم أو سمعتم أنّ جيشاً فاتحاً يُرغَم على الانسحاب لا من قبل هيئةٍ دوليةٍ أو مؤسّسةٍ عالمية، بل من قبل القضاء الذي ينتمي إلى نفس الدولة التي ينتمي اليها الجيش؟![1]
إنّ تعامل الدولة الإسلامية على الساحة الدولية يجسّد قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ»[2].
ولا شكّ في أنّ تعامل الدولة الإسلامية على الساحة الدولية بهذه الروح يؤدِّي عالمياً إلى إيقاظ الضمير الإنساني وتوعيته على مفاهيم العدل والحقّ وتحريكه للمساهمة في مسيرة العدل على الأرض.
[1] تأريخ الطبري 6: 567- 568
[2] المائدة: 8