«وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ»[1].
«وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»[2].
فإنّ النصّ الأول يعطي للُامّة صلاحية ممارسة امورها عن طريق الشورى ما لم يرد نصّ خاصّ على خلاف ذلك، والنصّ الثاني يتحدّث عن الولاية وأنّ كلّ مؤمنٍ وليّ الآخرين. ويريد بالولاية تولّي اموره بقرينة تفريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه، والنصّ ظاهر في سريان الولاية بين كلّ المؤمنين والمؤمنات بصورةٍ متساوية.
وينتج عن ذلك الأخذ بمبدأ الشورى وبرأي الأكثرية عند الاختلاف.
وهكذا وزّع الإسلام في عصر الغيبة مسؤوليات الخطّين بين المرجع والامّة، بين الاجتهاد الشرعي والشورى الزمنية، فلم يشأ أن تمارس الامّة خلافتها بدون شهيدٍ يضمن عدم انحرافها ويشرف على سلامة المسيرة ويحدّد لها معالم الطريق من الناحية الإسلامية، ولم يشأ من الناحية الاخرى أن يحصر الخطّين معاً في فردٍ ما لم يكن هذا الفرد مطلقاً، أي معصوماً.
وبالإمكان أن نستخلص من ذلك: أنّ الإسلام يتّجه إلى توفير جوّ العصمة بالقدر الممكن دائماً، وحيث لا يوجد على الساحة فرد معصوم- بل مرجع شهيد- ولا امّة قد انجزت ثورياً بصورةٍ كاملةٍ وأصبحت معصومةً في رؤيتها النوعية- بل امّة لا تزال في أوّل الطريق- فلا بدّ أن تشترك المرجعية والامّة في ممارسة الدور الاجتماعي الربّاني بتوزيع خطّي الخلافة والشهادة وفقاً لما تقدم.
[1] الشورى: 38
[2] التوبة: 71