بمثل هذا التسبيب.
وقد افيد في تقريب ذلك: أنّ الضمان له ملاكان: أحدهما اليد، والآخر الإتلاف. والضمان بالتسبيب إنّما يثبت إذا أدّى التسبيب إلى صدق إسناد الإتلاف إلى المسبّب، وهذا إنّما يكون فيما إذا لم يتوسّط بين التسبيب وتلف المال إرادة الفاعل المختار: إمّا بأن لا تكون هناك إرادة في الوسط أصلًا، كمن يحفر حفيرةً فيعثر بها الآخر فيقع. أو أن تكون هناك إرادة متوسّطة ولكنّها بحكم العدم، كإرادة الدابّة المرسَلَة لإتلاف الزرع، أو الصبيّ المرسَل لإتلاف المال. وأمّا مع توسّط إرادة الفاعل المختار فلا يستند الإتلاف إلى المسبّب، فلا موجب لضمانه.
والتحقيق: أن موجب ضمان المال لا ينحصر بأحد الأمرين من اليد والإتلاف، بل التسبيب بعنوانه- ولو في الجملة- ملاك ثالث للضمان، وذلك ما يستفاد ممّا دلّ على الضمان بالتسبيب في موارد تتوسّط فيها إرادة الفاعل المختار بين التسبيب وتلف المال خارجاً، من قبيل معتبرة أبي بصير وغيره[1]، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: في امرأةٍ شهد عندها شاهدان بأنّ زوجها مات فتزوّجت، ثمّ جاء زوجها الأوّل، قال: «لها المهر بما استحلّ من فرجها، ويضرب الشاهدان، ويضمنان المهر لها بما غرّا الرجل»[2].
فإنّ بين تسبيب الشاهدين وتلف المهر على الزوج توسطت إرادة الفاعل المختار.
ومن قبيل معتبرة جميل، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في شاهد الزور، قال: «إن كان الشيء قائماً بعينه ردّ على صاحبه، وإن لم يكن قائماً ضمن بقدر ما أتلف من
[1] وسائل الشيعة 27: 330، الباب 13 من كتاب الشهادات، الحديث 1.
[2] المصدر السابق: الحديث 2.