مال الرجل»[1].
فقد حكم هنا بضمان الشاهد، وأسند الإتلاف إليه، مع أ نّه يتوسّط بين الشهادة وتلف المال إرادة فاعلٍ مختار وهو القاضي الذي حكم على طبق الشهادة، غير أنّ القاضي مغرّر به، كما أن الزوج هناك كان مغرراً به.
وقوله عليه السلام في الرواية الاولى: «بما غرّا» ظاهر عرفاً في التعليل بنحوٍ يتعدّى عن مورده. كما أنّ قوله: «بقدر ما أتلف من مال الرجل» لا يبعد أن يكون في قوة التعليل، ومرجعه حينئذٍ إلى أ نّه يضمن؛ لأنّه أتلف، ويراد بالإتلاف هذا النحو من الاستناد الذي لا يضرّ به توسّط إرادة الفاعل المختار، فيتعدّى عن مورده أيضاً.
وعلى أيّ حالٍ يستفاد من هذه الروايات وغيرها ملاك ثالث للضمان وهو التسبيب، ولكنّه يختصّ بالتسبيب بالتغرير؛ لأنّه مورد تلك الروايات، فكأنّ إرادة الفاعل المختار المتوسّطة في البين لمّا كانت مغرّراً بها فهي بحكم العدم، فغاية ما تقتضيه تلك الروايات تعميم الضمان بالتسبيب لموارد توسّط الإرادة المغرَّر بها، وأمّا موارد توسّط إرادةٍ غير مغرّرٍ بها- غير أ نّها ملزم بها بأمرٍ شرعيٍّ كإرادة التطهير في المقام- فالتعدّي إليها مشكل ومتوقّف: إمّا على دعوى صدق إسناد الإتلاف عرفاً إلى المسبّب، بعد تنزيل الإرادة المقهورة تشريعاً منزلة الإرادة الواقعة تحت الجبر حقيقةً، أو على التعدّي من التغرير إلى مثل ذلك، بأن يقال: إنّ عنوان الإتلاف وإن لم يسند عرفاً إلى المسبّب مع توسّط إرادة الفاعل المختار ولكنّ إسناده إلى المسبّب في موارد التغرير مع توسّط إرادة الفاعل المختار- كما في الروايات- يكشف عن توسعةٍ في دائرة الإتلاف الموجب للضمان.
[1] وسائل الشيعة 27: 327، الباب 11 من أبواب الشهادات، الحديث 2.