وقد يورد على الالتزام بالضمان بالتسبيب مع توسّط إرادة الفاعل المختار الملزم بها تشريعاً ببعض النقوض، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً مع كيفية التخلّص منها.
أو على الالتزام بأنّ التسبيب في حالات توسّط الإرادة المقهورة تشريعاً يوجب بعنوانه الضمان بالسيرة العقلائية وإن لم يفرض صدق عنوان الإتلاف.
وكما ثبت ضمان اليد بالسيرة كذلك يثبت ضمان التسبيب في مثل هذه الحالات بها، فإنّ مطالبة المسبّب بتدارك الخسارة فيها عرفية ومطابقة للمرتكزات العقلائية، فالظاهر هو الضمان.
ثمّ إنّ السيّد الماتن قدس سره قال: «ولا يضمنه من نجَّسه إذا لم يكن لغيره»، وكأنّ ظاهره التفصيل بين أن يكون المصحف للمنجِّس أو لغيره.
فعلى الأوّل لا يضمن للمطهِّر اجرة التطهير، وكذلك إذا كان من المباحات.
وعلى الثاني يضمن الاجرة المذكورة.
وقد استشكل في ذلك: بأنّ التسبيب في الحالتين على نحوٍ واحد، فأيّ موجبٍ للتفصيل؟
وحمل السيّد الاستاذ[1] عبارة الماتن على أنّ المقصود نفي طبيعيِّ الضمان منوطاً بما إذا لم يكن المصحف للغير، إذ مع كونه للغير يكون المنجِّس ضامناً للنقص الحاصل بالتنجيس، لا لكلفة التطهير، فالتفصيل إنّما هو بلحاظ طبيعيّ الضمان، لا بلحاظ ضمان كلفة التطهير خاصّةً المنفيّ على أيّ حال.
وهذا تأويل على خلاف ظاهر العبارة؛ لأنّ ظاهر الضمير في قوله:
«ولا يضمنه» رجوعه إلى صرف المال من أجل التطهير، فيكون التفصيل بهذا
[1] التنقيح 2: 325.