وقد اعترض السيّد الاستاذ[1]– دام ظلّه- على ذلك: بأ نّه رجم بالغيب، إذ لا ندري بكُنهِ تلك النكتة.
إلّاأنّ الإنصاف: أنّ هذا الوجه قريب من النفس إذا ضُمَّ إلى ما ذكر استظهار النكتة بقرينة الارتكازات العرفية، إذ يوجد ارتكازان لا إشكال في ثبوتهما:
أحدهما: ارتكاز أنّ الطبخ للعصير العنبيّ يوجب كونه عرضةً للإسكار.
والآخر: أ نّه بذهاب ثلثيه يغلظ ويفقد تلك الأجزاء التي بها يصير مسكراً، ويسقط عن المعرضية للإسكار، وعليه فينسبق بسبب هذين الارتكازين من دليل اشتراط ذهاب الثلثين في التحليل: أ نّه لهذه النكتة وهذا الانسباق نوع من التبادر الذي يعطي للدليل ظهوراً عرفياً في ذلك، فيكون الميزان في التحليل هو الإخراج عن المعرضية للإسكار، وهو يحصل بصيرورة العصير دبساً، ولا مجال حينئذٍ لاستصحاب الحرمة؛ لحكومة الظهور العرفيّ المدّعى في الدليل عليه.
الوجه الرابع: ما ذكره الشهيد الثاني قدس سره في المسالك[2] من: أنّ روايات الحرمة اخذ في موضوعها العصير، وهذا ليس عصيراً، بل هو دبس.
واعترض عليه السيّد الاستاذ[3]– دام ظلّه-: بأنّ مطهّرية الانقلاب تحتاج إلى نصٍّ خاصٍّ، وأنّ ما ذكره الشهيد خلط بين الانقلاب والاستحالة، فالاستحالة مطهّرة على القاعدة، لتبدّل الصورة النوعية فيها بخلاف الانقلاب.
والتحقيق: أنّ نظر الشهيد قدس سره إلى حرمة العصير، لا إلى نجاسته التي وصفها
[1] التنقيح 2: 133
[2] مسالك الأفهام 12: 75
[3] التنقيح 2: 133- 134