ما تقتضيه المناسبات العرفية.
ومن الواضح أنّ المناسب عرفاً لعنوان العصير هو الشرب، فيكون هو المقدّر، ولو سلّم أنّ كلّاً من الشرب والازدراد الشامل للأكل أيضاً مناسب فلا معيّن للمفهوم الأعمّ، وليس المورد من موارد التمسّك بالإطلاق ومقدّمات الحكمة؛ لأنّها إنما تجري فيما إذا علم بالكلمة الصادرة فعلًا، أو الصادرة ولو تقديراً، وشكّ في أنّ المراد مطلقها أو مقيّدها، لا فيما إذا تردّدت الكلمة بين كلمةٍ لها مفهوم أعمّ وكلمةٍ لها مفهوم أخصّ.
وإذا تمّ هذا الوجه امتنع إجراء استصحاب الحرمة لتغاير الموضوع، باعتبار مباينة الأكل للشرب. نعم، لو بني على نجاسة العصير العنبيّ المغليّ حدوثاً تمّت أركان استصحاب النجاسة، ويترتّب عليه حينئذٍ حرمة الأكل، وينحصر دفعه بالتمسّك بعموم حلّية الطيّبات الحاكم، كما عرفت في الوجه السابق؛ لأنّ هذا العموم المقتضي بإطلاقه المقاميّ لإمضاء النظر العرفيّ في تشخيص الطيّب يدلّ على الطهارة؛ لأنّ الطيّب يستبطن ذلك، فهذا الوجه لا يخلو من وجاهة.
اللهمّ إلّاأن يقال: إنّ الدبس ببعض مراتبه البدائية التي يصدق معها المَيَعان يتصوّر عرفاً بشأنه الشرب، فيشمله إطلاق الدليل، ويتعدّى إلى المراتب الاخرى المجرّدة عن المَيَعان بالدلالة الالتزامية، للجزم بعدم الفرق.
الوجه الثالث: ما ذكره جماعة من الفقهاء[1] من: أنّ ذهاب الثلثين وإن جعل غايةً للحرمة في الروايات إلّاأنّ النكتة المطلوبة من هذه الغاية موجودة في المقام.
[1] مثل النراقي في لوامع الأحكام كما حكاه عنه في جواهر الكلام 6: 292 وراجع: لوامعالأحكام( مخطوط): 133، ومستند الشيعة 15: 179- 180