أحدها وثبت معه عدم جريان استصحاب الحرمة أصبح المقتضي قاصراً.

الوجه الأوّل: أنّ لفظ الرواية وإن كان مقتضى الجمود عليه الشمول للدبس المذكور إلّاأ نّه منصرف عنه ولو لندرته، بمعنى: أنّ استلزام الدبسية لذهاب الثلثين عادةً يصلح أن يكون قرينةً عرفية يعتمد عليها المولى في منع إطلاق خطابه لفرض الدبسية قبل ذهاب الثلثين النادر الوقوع.

وهذا الكلام لابدّ من تكميله ببيان عدم جريان استصحاب الحرمة إذ قد يتمسّك بالاستصحاب لإثبات الحرمة ما دام موضوع الدليل محفوظاً، فإنّ انصراف الدليل لا ينافي انحفاظ الموضوع، ودفع الاستصحاب يمكن أن يتمّ بالتمسّك بعمومات حلّية الطيّبات؛ لأنّ التمسّك بالعامّ مقدّم على استصحاب حكم المخصّص، والعامّ هنا يقتضي بإطلاقه المقاميّ إمضاء النظر العرفيّ في الطيّب المساوق للطهارة والحلّية، كما هو واضح، فلا يجري استصحاب الحرمة، ولا استصحاب النجاسة لو قيل بها حدوثاً.

الوجه الثاني: أنّ الدليل دلّ على حرمة الشرب، والدبس لا يشرب، واحتمال حرمة أكل الدبس المذكور احتمال بدويّ لا يثبت بالإطلاق ولا بالاستصحاب.

وأجاب السيّد الاستاذ[1]– دام ظلّه- على ذلك: بأنّ روايات الباب اخذ في بعضها الشرب، ولكنّ بعضها الآخر جعل فيه نفس العصير موضوعاً للحرمة، من دون ذكر عنوان الشرب، كما في رواية عبد اللَّه بن سنان.

ويرد عليه: بأنّ الحرمة بعد احتياجها إلى فعلٍ مقدّرٍ لعدم تعلّقها بالعين ابتداءً على ما هو المعروف بينهم، يتعيّن كون المتعلق أمراً محذوفاً يقدّر حسب‏

 

[1] انظر التنقيح 2: 133