في المسالك: بأ نّها من المشهورات التي لا أصل لها، ولا شكّ في أنّ الدليل الدالّ على حرمة عنوانٍ لا يقتضي ثبوت الحرمة بعد زواله، ولهذا قلنا في بحث مطهّرية انقلاب الخمر خلّاً: إنّ عدم شمول دليل نجاسة الخمر للخلّ المنقلب عن الخمر لا يحتاج إلى رواياتٍ خاصّة. وقد أكّد السيّد الاستاذ في بحث الانقلاب أنّ الحكم بارتفاع النجاسة الذاتية بزوال العنوان على القاعدة، فلا أدري لماذا اعترض بهذه الصورة على الشهيد في المقام؟ وقد كان الأنسب أن يعترض عليه: بأنّ الانقلاب لا يرفع محذور النجاسة العرضية الحاصلة بسبب ملاقاة الظرف، هذا بناءً على افتراض النجاسة حدوثاً، وأمّا على ما عرفت من: أن نظر الشهيد إلى الحرمة فلا يرد الاعتراض المذكور أيضاً.

نعم، قد يرد عليه: أنّ العصيرية بعد أن كانت من الخصوصيات التي لا يتغيّر الموضوع العرفيّ للحرمة بزوالها فيجري استصحاب الحرمة بناءً على جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية، ويمكن دفع ذلك حينئذٍ بالتمسّك بعموم حلّية الطيّبات.

وهذه الوجوه الأربعة لإثبات قصور المقتضي لو لم تتمّ جميعاً، لكفى‏ تمامية بعضها في البناء على عدم حرمة الدبس المذكور.

وأمّا الجهة الثانية- وهي في وجود المانع بعد فرض تمامية الإطلاق في دليل الحرمة- فالذي ينبغي البحث عن مانعيّته في نظري هو رواية عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «إذا كان يخضب الإناء فاشربه»[1].

والخضاب: بمعنى إعطاء اللون الخاصّ المساوق للكثافة، والقدر المتيقّن من ذلك صيرورته دبساً، فيتمسّك بإطلاق هذه الرواية لإثبات جواز الشرب قبل‏

 

[1] وسائل الشيعة 25: 293، الباب 7 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 2