قذارة الجنابة والحيض، وهذا أحد الأقسام الثلاثة للقذارة التي تقدّمت عند الحديث عن الآية الكريمة.
ولابدّ في رفع الأوصاف القذرة التي تطرأ على الجسم من استعمال الماء، غاية الأمر أنّ بعضها يرفع بالغُسل كما في قذر الجنابة والحيض، وبعضها بالوضوء كما في قذر الريح مثلًا، وبعضها بالغَسل- بالفتح- فقط كما في قذر المصافحة، إذ نلاحظ أنّ الإمام عليه السلام نفى الوضوء وأثبت الغسل. وكم فرق بين قذارة المصافحة وقذارة يد الكافر السارية إلى يد المسلم بسبب المصافحة!
ويؤيّد حمل الرواية على ما ذكرناه: رواية اخرى لخالد القلانسي، قال:
قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ألقى الذمّيّ فيصافحني، قال: «امسحها بالتراب وبالحائط». قلت: فالناصب؟ قال: «اغسلها»[1].
فكأنّ المصافحة مع الكافر قذارة تشتدّ كلّما كان الكافر أشدّ كفراً أو عداوةً، ولهذا يكتفى في إزالة قذارتها بالمسح أحياناً.
ومنها: صحيحة عليّ بن جعفر أ نّه سأل أخاه موسى عليه السلام عن النصرانيّ يغتسل مع المسلم في الحمّام، قال: «إذا علم أ نّه نصرانيّ اغتسل بغير ماء الحمّام، إلّا أن يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثمّ يغتسل»[2].
ومفادها: التفصيل- بعد فرض العلم باغتسال النصرانيّ- بين حضوره وعدم حضوره.
ومن هنا قد يستشكل بأنّ النصرانيّ إذا كان نجساً ولم يكن ماء الحوض معتصماً بالاتّصال بالمادة وتنجّس بسببه فأيّ فرقٍ بين حضوره وعدمه؟
[1] المصدر السابق: الحديث 4
[2] المصدر السابق: 421، الحديث 9