ولكن قد يعترض على ذلك:
أوّلًا: بأنّ الغالب في مورد المصافحة عدم الرطوبة، وحينئذٍ يكون ارتكاز عدم سراية النجاسة بدون رطوبةٍ قرينةً على أنّ الأمر بالغسل ليس بلحاظ النجاسة، وإنّما هو أمر تنزيهيّ.
وثانياً: بأنّ الملحوظ لو كان هو النجاسة لوقع المحذور في المصافحة من وراء الثوب أيضاً، إذ يتنجّس الثوب حينئذٍ.
ولا بأس بالاعتراض الأوّل. وأمّا الثاني فهو مبنيّ على ما هو مقتضى الطبع، من أنّ الذي لا يريد أن يصافح باليد هو الذي يضطرّ إلى أن يصافح من وراء الثوب.
وأمّا إذا لاحظنا حاقَّ عبارة الحديث ولم نستظهر التسامح فيها رأينا أ نّه يقول: «فإنْ صافحك بيده فاغسل يدك» بدلًا عن القول: «إن صافحته بيدك فاغسل يدك»، وذلك يناسب مصافحة الكافر من وراء ثوبه، فلا يبتلى المسلم بنجاسة لباسه.
ومنها: صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام: في رجلٍ صافح رجلًا مجوسياً، فقال: «يغسل يده ولا يتوضّأ»[1].
وتقريب الاستدلال بها كما تقدم.
ويرد عليه: أنّ حمل الحديث على سراية النجاسة ولو بدون رطوبةٍ على خلاف الارتكاز العرفي، وحمله على السراية في فرض وجود الرطوبة حمل على فردٍ نادر؛ لأنّ الغالب في المصافحة عدمها، فيتعيّن الحمل على احتمال ثالثٍ، وهو: أنّ نفس المصافحة للمجوس بذاتها قذر يطرأ على اليد، من قبيل
[1] المصدر السابق: الحديث 3