وأمّا قوله تعالى: «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» بناءً على تمامية الاستدلال به فلا يمكن الاستدلال به في المقام، إذ مع ذبح الجنين يصدق عنوان المسفوح على المقدار الذي يخرج فكيف نحكم بطهارة الكلّ؟!
وأمّا ما دلّ على جواز أكل الذبيحة بالتذكية، الدالّ التزاماً على طهارة الدم المتخلّف فلا يدلّ بالالتزام على طهارة تمام دم الجنين في المقام، إذ لا يلزم من نجاسة ما يخرج منه عادةً بالذبح تعذّر الاستفادة منه إلّابعنايةٍ غير عرفية، كما كان يلزم ذلك من نجاسة المتخلّف.
وقد يقرّب الحكم بطهارة مطلق دم الجنين بوجهٍ مختصٍّ بالمقام، وبيانه:
أنّ قوله: «ذكاة الجنين ذكاة امّه»[1] دلّ على أنّ الجنين كأنّه ذُبِح وذُكِّي، فيضمّ إلى دليل أنّ ما بقي في المذبوح طاهر، فيكون الأوّل موسّعاً لموضوع الثاني وحاكماً عليه.
وفيه أوّلًا: أنّ ذلك يتوقّف على أن يكون التنزيل في الدليل الأوّل الحاكم بلحاظ تمام الآثار، لا منصرفاً إلى الحلّية فقط.
وثانياً: أنّ موضوع الدليل المحكوم مركّب من الذبح وكون الدم متخلّفاً، ومجرّد تنزيل ذبح الجنين لا يكفي، بل لابدّ أن ينزّل أيضاً دم امّه منزلة دمه، على نحوٍ يصدق على دم الجنين أ نّه دم متخلّف بلحاظ ما خرج من دم الامّ.
وعلى الثاني: لابدّ في التعدّي من القدر المتيقّن للدليل على النجاسة من الجزم بعدم الفرق فقهياً، أو ارتكاز عدمه عرفاً، وقد قلنا في ما سبق: إنّ الدم المتخلّف بالقسر حاله حال الدم المسفوح ارتكازاً، لكنّ المقام يختلف إلى حدٍّ ما عن ذلك؛ لأنّ القسر هنا طبيعيّ لا عنائي، فالجزم بالتعدّي لا يخلو من إشكال.
[1] انظر وسائل الشيعة 24: 33، الباب 18 من أبواب الذبائح