إلى رواية حفص المتقدّمة[1] في أبحاث الميتة، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام أ نّه قال:
«لا يفسد الماء إلّاما كانت له نفس سائلة».
وهي- لو صحّ الاستدلال بها- عامّة لكلّ حيوانٍ لا نفس له، كما هو واضح.
وقد تقدّم الكلام عن ضعف سندها وإمكان تصحيحه في أبحاث الميتة[2]، فالمهمّ الآن ملاحظة دلالتها في المقام.
ولا ينبغي الريب في أنّ المتيقن من مدلولها النظر إلى ميتة الحيوان وإفسادها للماء، وعدمه، ولكنّ جملةً من الفقهاء حاول استفادةً أكثر من ذلك من مدلولها، ولهذا وقع الاستدلال بها على طهارة ما يرتبط بالحيوان غير ذي النفس في عدّة مقامات، حيث استدلّ بها على طهارة بوله وخرئه ودمه.
ولا يبعد أن يكون الاستدلال بها على طهارة دمه أحسن حالًا من غيره، باعتبار أ نّه يعدّ جزءاً من الميتة، فيشمله إطلاق لا يفسد الماء ميتة ما لا نفس له، وباعتبارها ناظرة إلى أدلّة النجاسة يكون إطلاقها مقدّماً على إطلاق دليل النجاسة.
ولكنّ الصحيح مع ذلك: عدم تمامية الاستدلال المذكور؛ لأنّ غاية مايستفاد منها أنّ ما لا نفس له لا ينفعل الماء بملاقاة ميتته، وهو لا يدلّ على أكثر من نفي النجاسة الناشئة بملاك الموت عنها، فلو فرض إطلاق الميتة لمثل الدم من الأجزاء كان مقتضاه عدم انفعال الماء بملاقاته من حيث كونه ميتة، وأمّا من حيثية
[1] تقدّمت في الصفحة 157
[2] تقدّم في الصفحة 158- 159