حجّة على الطهارة، أم لا؟
فنقول: إنّ الاستدلال بالإجماع على الطهارة: إمّا أن يكون بلحاظ كاشفيته عن وجود روايةٍ لدى المجمعين واضحة السند والدلالة على طهارة دم ما لا نفس له؛ باعتبار عدم كون المسألة عقليةً كي يحتمل استنادهم فيها إلى وجوهٍ صناعيةٍ عقلية.
وإمّا أن يكون بلحاظ كشف الاتّفاق عن مركوزية الحكم المذكور في عصر المعصومين عليهم السلام.
وكلا التقريبين قابل للمنع، إذ يرد على الأوّل: أ نّه يستبعد وجود روايةٍ واردةٍ بعنوان استثناء دم ما لا نفس له اطّلع عليها اولئك المجمِعون، ثمّ لم تنقل في شيءٍ من مجاميع الحديث وكتبهم التي ألّفها نفس هؤلاء المجمعين.
أضف إلى ذلك: عدم انحصار المدرك فيأن يكون هناك رواية على الطهارة، بل يكفي أن يكون مدرك بعضهم هو عدم الدليل على نجاسة كلّ دم، ومدرك بعضٍ آخرين قوله تعالى: «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً»، الذي وقع الاستدلال به على طهارة غير المسفوح، أو الاستفادة من الروايات الخاصّة الواردة في بعض الموارد.
وبهذا البيان أيضاً يناقش في التقريب الثاني لكاشفية الإجماع، فإنّه مع وجود مثل هذه المدارك المحتملة لا ينحصر وجه الاتّفاق في ارتكاز موروثٍ من الأئمّة عليهم السلام على الطهارة. وعليه فقد لا يحصل من الإجماع المذكور اطمئنان بأنّ الحكم الواقعيّ هو طهارة دم ما لا نفس له؛ كي يرفع اليد به عن إطلاق النجاسة على القول به.
الثاني: الآية المباركة «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِم