إلّا أنّ التصرف الأخير مبنيّ على القول بالعفو عن التنجّس بالدم الأقلّ من الدرهم مع زوال العين.
ومن هذه الروايات: ما نقله عليّ بن الوشّاء، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: «كان أبو عبد اللَّه عليه السلام يقول في الرجل يدخل يده في أنفه فيصيب خمس أصابعه الدم، قال: ينقيه ولا يعيد الوضوء»[1].
حيث لم يؤمر فيها بالغسل من الدم، فيكشف عن عدم نجاسته.
إلّاأنّ هذه أوضح من سابقتها في ورود المناقشة الاولى فيها، حيث صرّح فيها بعدم إعادة الوضوء، كما أنّ التنقية بمعنى التنظيف الصادق على الغسل أيضاً، فلا يمكن أن يكون في قباله حتّى يستفاد منها عدم لزوم الغسل، بل عنوان التنقية والتنظيف بنفسه دالّ على قذارة ما ينقى عنه كما هو واضح، فهي على النجاسة أدلّ.
ومن هذه الروايات أيضاً: رواية عبد الأعلى، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:
سألته عن الحجامة أفيها الوضوء؟ قال: «لا، ولا يغسل مكانها؛ لأنّ الحجّام مؤتَمن إذا كان ينظّفه، ولم يكن صبيّاً صغيراً»[2].
حيث اكتفى فيها بالتنظيف، ولم يلزم بالغسل خاصّة.
إلّاأنّ هذه الرواية أوضح من السابقة في كونها من روايات النجاسة لا الطهارة؛ لأنّ المراد من التنظيف فيها الغسل، والمنفيّ لزومه إنّما هو غسل نفس الإنسان لموضع حجامته في مقابل غسل الحجّام، لا أصل الغسل في مقابل غيره.
[1] وسائل الشيعة 1: 267، الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء، الحديث 11
[2] وسائل الشيعة 3: 499، الباب 56 من أبواب النجاسات، الحديث 1