معارضتها مع روايات النجاسة، من قبيل رواية جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
سمعته يقول: «لو رعفت دورقاً ما زدت على أن أمسح منِّي الدمَ واصلِّي»[1].
والدورق[2]: اسم مقدار.
حيث إنّها بإطلاقها الشامل لِمَا إذا كان الدم أكثر من درهمٍ بحيث يجب التطهير منه دلّت على كفاية مسح الدم، مع العلم بعدم كفاية زوال العين في التطهير، فيكون ذلك دليلًا عرفاً على طهارة الدم، إذ عدم نجاسة الملاقي دليل على طهارة الملاقى بعد ارتكازية السراية.
إلّاأنّ الظاهر- أو المحتمل بنحوٍ يوجب الإجمال على أقلِّ تقدير- أنّ النظر في هذا الحديث إلى مسألة ناقضية الرعاف للوضوء التي كانت مسألةً معنونةً في الفقه العامّ، وكانت هناك فتوىً عامّيةً فيها بالناقضية، وقد ردع عنها الأئمّة عليهم السلام بهذه الرواية وأمثالها، وعليه فلا يكون قيد المسح مذكوراً فيها قبال الغسل، بل قبال لزوم الوضوء والإعادة.
أضف إلى ذلك: أنّ الرواية لو كانت غير ناظرةٍ إلى تلك المسألة فغايته الإطلاق لِما إذا كان الدم أكثر من درهم، وهذا لا ينافيه عنوان الدورق، فإنّ دم الرعاف يأتي تدريجاً، لا دفعةً بحيث يمكن فيه التحفّظ عن الإصابة بأكثر من درهم، ومعه يمكن التصرّف فيها بقرينة الأدلّة الصريحة في النجاسة:
إمّا بحمل عنوان المسح فيها على أ نّه في مقابل الوضوء لا الغسل، أو بتقييدها بما إذا كان الدم أقلّ من الدرهم، ويكون ذكر المسح من أجل التحرّز عن التلوث بالدم.
[1] وسائل الشيعة 1: 265، الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء، الحديث 4
[2] الدَوْرَق: مِقدار لما يُشرب، يُكتال به، فارسيّ معرّب. لسان العرب( مادّة درق)