الالتزام بتقييد العلم بالدم بالعلم بكونه من القسم النجس، أو بأنّ المولى جعل وجوده على منقار الطائر المفترس أمارةً شرعيةً على كونه من النجس.
والأوّل يستلزم التقييد بفردٍ نادر؛ لأنّ كون الدم من القسم النجس وإن لم يكن نادراً ولكنّ العلم بذلك في مثل مورد الرواية نادر عادةً، فيتعيّن الثاني.
ومعه يتعذّر الاستدلال بإطلاق الرواية على النجاسة الواقعية لكلّ دم، لأنّه يفترض وجود دمٍ طاهرٍ ودمٍ نجس، ويكون الكلام مسوقاً لبيان الأمارة على أحدهما، لا لبيان نجاسة الدم واقعاً.
ويلاحظ بهذا الصدد: أنّ السيّد الاستاذ- دام ظلّه- رغم حمله للرواية على النظر إلى أمارية وجود الدم في المنقار على كونه من النجس استفاد منها الدلالة على نجاسة الدم مطلقاً، مع أنّ النظرين متهافتان.
وقد يدّعى أنّ مجيء الدم مطلقاً في كلام السائلين والرواة قرينة على ارتكازية نجاسة الدم بنحو القضية المطلقة في أذهانهم.
ويندفع ذلك: بأنّ جُلّ الروايات- كما عرفت- متّجهة إلى أحكامٍ ثانويةٍ بعد الفراغ عن أصل نجاسة الدم، وفي مثل ذلك لا يريد الراوي بكلمة «الدم» إلّا مجرّد الإشارة إلى ما يعهد نجاسته، فلا يكشف ذكر الكلمة بلا قيدٍ عن الارتكاز المذكور، خصوصاً أنّ طهارة بعض أقسام الدم- كالدم المتخلّف- من الواضحات عملًا وسيرةً، فمن البعيد افتراض ارتكاز خلافه.
وعليه فلابدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن، وهو ما دلّت عليه الروايات، وما يمكن التعدّي عرفاً وإسراء حكم الروايات إليه، وفي غير ذلك يكون مقتضى الأصل هو الطهارة.
ثمّ إنّه ربَّما يتوهّم دلالة بعض الروايات على طهارة الدم بحيث يخيَّل