وغاية الأمر: أنّ ذلك يكون مقيّداً لعموم التعليل في مثل رواية الحلبيِّ المتكفّلة لتعليل جواز الصلاة في الصوف بأ نّه ليس فيه روح، بإخراج السنّ من عموم التعليل فيه دون أن تثبت النجاسة، بعد قصور أدلّة النجاسة في نفسها كما عرفت.
هذا، مضافاً إلى أنّ الناب صرِّح به في رواية حريز، ومعه يتعيّن حمل الاشتراط في رواية الحلبيّ على الاستحباب.
ومن تلك الروايات: رواية مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال جابر بن عبد اللَّه: «إنّ دباغة الصوف والشعر غسله بالماء، وأيّ شيءٍ يكون أطهر من الماء؟»[1].
فإنّ التعبير بالدباغة إنّما هو انسياق مع ما اشتهر من مطهّرية الدباغة للجلود. ومفاد الرواية هو: أنّ الصوف والشعر يطهر بالغسل بالماء، وحيث لم تفرض نجاسةً عرضيةً للصوف والشعر كانت الرواية دالّةً على النجاسة الذاتية، ولكنّها سنخ نجاسةٍ ترتفع بالغسل، كنجاسة الميّت من الإنسان التي ترتفع بتغسيله.
ويرد عليه- مضافاً إلى ضعف سند الرواية، حيث لم تثبت وثاقة مسعدة بن صدقة، وغرابة رواية الأئمّة عن جابر-: أنّ الرواية في مقام بيان المطهّر للصوف والشعر، وليست في مقام البيان من ناحية أصل نجاستهما ليتمسّك بالإطلاق لفرض عدم الملاقاة مع الرطوبة، فلعلّ النجاسة الملحوظة هي النجاسة العَرَضية الحاصلة من الملاقاة بالرطوبة في فرض النتف.
ولكنّ هذا لا يخلو من تأمّل؛ لأنّ الظاهر من الرواية كونها في مقام دفع استغراب مطهّرية الماء، ولهذا تقول: «وأيّ شيءٍ يكون أطهر من الماء؟».
[1] المصدر السابق: الحديث 6