ولا غرابة في مطهّرية الماء من النجاسة العرضية الحاصلة بالملاقاة، فنفس ذلك قد يكون قرينةً على أنّ النظر إلى ارتفاع النجاسة الذاتية بالماء- وهو أمر غريب- يناسب سياق الرواية الوارد في مقام دفع الاستغراب. غير أنّ المتعيّن حينئذٍ الحمل على المطهّرية التنزيهية جمعاً بينها وبين روايات الطهارة.
ومن تلك الروايات: رواية حريز المتقدّمة، التي ورد فيها قوله: «وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصلِّ فيه» بدعوى: أنّ الأمر بالغسل حيث لم يفرض في موضوعه الملاقاة مع الرطوبة يدلّ على النجاسة الذاتية للصوف ونحوه.
ويرد عليه: أنّ ارتكازية عدم ارتفاع النجاسة الذاتية بالغسل تكون بنفسها قرينةً على أنّ الأمر بالغسل إنّما هو في مورد الملاقاة مع ما تحلّه الحياة من أجزاء الميتة بالرطوبة، لا مطلقاً.
هذا، مضافاً إلى تعيّن الحمل على الاستحباب والتنزّه في مقام الجمع مع مثل رواية الحلبيّ؛ لأبعديّة الجمع بينهما بحمل رواية الحلبيّ على ما بعد الغسل.
وإن فرض تساوي الجمعين في نظر العرف كفى ذلك في الحكم بعدم النجاسة؛ لعدم الدليل.
وهكذا نعرف أنّ العناوين التي ذكرها السيّد الماتن قدس سره من أجزاء الميتة التي لا تحلّها الحياة كلّها محكوم عليها بالطهارة. غير أ نّه ينبغي البحث في خصوص البيضة منها، حيث إنّهم اشترطوا في الحكم بطهارتها اكتسابها القشر الأعلى.
فنقول: أمّا وجه الحكم بالطهارة فيها:
فأوّلًا: عدم تمامية مقتضي النجاسة، حيث ناقشنا في تمامية الإطلاق في دليل نجاسة الميتة كي يشمل البيضة.