فلا بدّ من ملاحظة دليل اعتصام ماء المطر ومناسبته مع أيّ مرتبةٍ من هذه المراتب.
وتوضيح ذلك: أنّ كلمة «المطر»: تارةً تستعمل في اسم المعنى المصدري، أي في الماء النازل من السماء. واخرى في نفس المعنى المصدري، أي عملية النزول، وبذلك يكون مصدراً قابلًا للاشتقاق منه، فيقال مثلًا: مطرت السماء.
فإن اريد بالمطر- في جملة «ماء المطر» المحكوم باعتصامه في دليل الاعتصام- اسم المعنى المصدريّ، فالإضافة في الجملة المذكورة تكون إضافةً بيانية، أي ماء هو المطر.
وإن اريد بالمطر نفس المعنى المصدريّ فالإضافة نشوئية، ولا معنى لكونها بيانية، أي ماء ناشئ من عملية النزول من السماء.
وعلى الأوّل إذا لم نعمل أيّ عنايةٍ في مفهوم المطر اختصّ عنوان ماء المطر بالمرتبة الاولى، وإذا أعملنا عنايةً في توسيع الماء النازل من السماء بنحوٍ يشمل ما استقرّ منه على الأرض مع اتّصاله بما يتقاطر عليه باعتباره امتداداً للماء النازل انطبق العنوان على المرتبة الثانية. وإذا أضفنا إلى تلك العناية عنايةَ أنّ ما هو متهيِّئللاتّصال بحكم المتّصل انطبق العنوان على المرتبة الثالثة، ولا تكفي هذه العنايات لتطبيقه على المرتبة الرابعة.
وعلى الثاني إذا لم نأخذ في الإضافة شيئاً سوى النشوئية أمكن انطباق العنوان على المرتبة الرابعة؛ لأنّ النشوئية محفوظة حتّى بعد الانقطاع. وإذا قلنا:
يتضمّن الإضافة مضافاً إلى النشوئية شيئاً من المواكبة والمقارنة فيكون المعنى «الماء الناشئ من المطر والمواكب له» فلا ينطبق على المرتبة الرابعة، بل على إحدى المراتب الثلاث الاولى، حسب درجة المواكبة والمقارنة المأخوذة ضمناً في معنى الإضافة.