وإمّا دعوى أنّ الماء البالغ هذا المقدار من المساحة يعلم- على كلّ حالٍ- باشتماله على الوزن المقرّر للكرّ، ولا يعلم بذلك فيما هو أقلّ من هذه المساحة.
أمّا الدعوى الاولى فمن الصعب الاعتماد عليها؛ لأنّ الإجماع المذكور مقتنص- في الحقيقة- عن الأقوال التفصيلية للفقهاء، ولا يعلم من شأن كلّ فقيهٍ الالتزام بأنّ الكرّ لا يزيد على المساحة المذكورة، بقطع النظر عمّا يفتي به من المساحة للكرّ، فهو إجماع مركَّب لا تعويل عليه.
وأماّ الدعوى الثانية فهي تتوقّف على أحد أمرين:
إمّا أن يقال باستفاضة أخبار المساحة بنحوٍ يوجد اطمئنان فعليّ بصدور واحدٍ منها على الأقلّ، فيكون هذا الواحد المعلوم الصدور إجمالًا دالًاّ على المطلوب.
وإمّا أن يقال بأ نّها وإن كانت ظنّيةً ولا اطمئنان بصدور بعضها إلّاأنّ التعارض بينها بلحاظ الدلالة المطابقية لا يوجب سقوط دلالتها الالتزامية المتّفق عليها عن الحجّية.
وكلا الأمرين غير تامٍّ: أمّا الأوّل فلمنعه صغرى، وأمّا الثاني فلمنعه كبرى، حيث إنّ المختار في أمثال المقام تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في الحجّية.
والتحقيق أن يقال: إنّا إذا بنينا في موارد التعارض على تساقط المتعارضين في المدلولين المطابقيَّين فلابدّ أن يسقط عن الحجّية أيضاً مدلولهما الالتزاميّ ولو كان متّفقاً عليه بينهما؛ وذلك للتبعية.
وأمّا إذا بنينا في موارد التعارض على عدم التساقط المطلق بلحاظ المدلول المطابقيّ وبقاء كلٍّ منهما حجّةً في المدلول المطابقيّ ولكن لا على الإطلاق، بل منوطاً بكذب الآخر فهناك علم إجمالي حينئذٍ بحجّية أحد المتعارضين في