الحجّية لها لغواً.
وعلى هذا الأساس نلاحظ أنّ الصحيحة والمرسلة يمكن أن يشملهما دليل الحجّية- معاً- على إجمالهما، دون حاجةٍ إلى دعوى جعل إحداهما قرينةً على تعيين مفاد الاخرى؛ وذلك لوجود كلا الشرطين.
أمّا الأوّل فلوضوح أ نّا لم نحرز التعارض بين الروايتين؛ لاحتمال أن يكون المراد بالرطل في الصحيحة: المكي، وفي المرسلة: العراقي، وهذا يكفي لعدم وصول المعارضة وتنجّزها.
وأمّا الثاني فلأنّ كلًاّ من الروايتين وإن كانت مجملةً ولكنّ إجمالها لو كان إجمالًا مطلقاً لا يتحصّل منه شيء لمَا أمكن شمول دليل الحجّية لها، إلّاإذا أمكن رفع الإجمال عن كلٍّ منهما ولو بقرينيّة الاخرى.
ولكنّ الواقع أنّ إجمال كلٍّ من الروايتين تقارنه في الصحيحة دلالة- لا إجمال فيها- على الحدّ الأقصى للكرّ، وتقارنه في المرسلة دلالة- لا إجمال فيها- على الحدّ الأدنى للكرّ، فيعقل شمول دليل الحجّية للروايتين ما دام التعبّد بها ينتهي إلى أثرٍ عمليٍّ بلحاظ إثبات الحدّ الأدنى والحدّ الأقصى للكرّ، فتكون الروايتان معاً حجّةً على إجمالهما، ويثبت بهما أنّ الحدّ الأدنى للكرّ هو ستمائة رطلٍ مكّي، وأنّ الحدّ الأقصى هو ألف ومائتا رطلٍ عراقي، وبذلك يثبت المطلوب.
وهذا يعني أنّ الكرّ ليس بأقلّ من ستمائة رطلٍ مكّي على كلّ محتملات رواية الستمائة، وليس بأكثر من ألفٍ ومائتي رطلٍ عراقي على جميع محتملات الرواية الاخرى. وبهذا يتحدّد مقدار الكرّ، إذ أنّ ستمائة رطلٍ مكّي هو بعينه ألف ومائتا رطلٍ عراقي.
والفرق بين هذا الوجه وسابقه: أنّ هذا الوجه لا يتوقّف على دعوى قرينية