ولكن قد يقال: إنّ احتمال التقية في المقام غير موجود؛ لعدم معهوديّة أقوالٍ للعامّة تبرِّر ورود روايات التحديد مجاراةً لها، وعليه تكون أصالة الجهة قطعية، فيصحّ تعيين المجمل بالمفصّل على أساسها.
ثمّ إذا افترضنا التجاوز عن إشكالات هذه المرحلة وإمكان جعل المفصّل قرينةً على تعيين المراد الاستعماليّ من المجمل- على أساس أصالة الجهة- ننتقل إلى المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية:
والمرحلة الثانية هي فيما إذا كان كلّ من الخطابين مجملًا، كصحيحة محمّد ابن مسلم، ومرسلة ابن أبي عمير، فإنّ الرطل في كلٍّ منهما مجمل، فهل يمكن جعل كلٍّ منهما قرينةً لرفع إجمال الآخر؟
والصحيح: إمكان ذلك، إذ المفروض- بعد تجاوز الإشكال المشار إليه في المرحلة السابقة- أنّ أصالة الجهة يمكن أن يعيَّن بها المراد الاستعمالي.
وعليه فأصالة الجهة في المقام تجري في كلا الخطابين المرويَّين في الصحيحة والمرسلة، ويتعيّن بها المراد الاستعمالي في كلٍّ من الخطابين، بأن يحمل الرطل في الصحيحة على المكّي، وفي المرسلة على العراقي؛ لأنّ أيَّ حملٍ آخر ينافي أصالة الجهة الجارية في كلا الخطابين.
والتحقيق: إمكان تقريب الاستدلال بمجموع الروايتين على الوزن المشهور بوجهٍ أحسن وأسلم، لا يُدَّعى‏ فيه رفع إجمال كلٍّ من الروايتين بقرينة الرواية الاخرى، وهو ما يلي:
الوجه الثاني: أنّ شمول دليل الحجّية لروايةٍ يتوقف أوَّلًا: على عدم إحراز المعارض، ولا يضرّ به احتمال المعارض.
وثانياً: على أن يكون التعبّد بالرواية منتهياً إلى أثرٍ عملي؛ لئلّا يكون جعل‏