وهذا الخبر لعلّه أصرح ما في الباب، ورغم ما وجِّهت إليه من تشكيكات فلا شك في قوّة دلالته عرفاً، ولكنّه ساقط سنداً.
وهناك روايات اخرى يستدلّ بها على عدم الانفعال، يعرف حالها على ضوء ماذكرناه.
وهكذا يتّضح أنّ الروايات المستدلّ بها على عدم الانفعال بين ما لا يدلّ على ذلك، أو يدلّ ولكنّه مقيّد بأدلّة الانفعال، أو غير تامٍّ سنداً، وإن كان تامّ الدلالة بنحوٍ لا يقبل التقييد، كروايتي: زرارة، وأبي مريم الأنصاري. وعلى هذا الأساس يثبت أنّ روايات الانفعال لا معارض لها.
ولكن إذا فرضنا أنّ روايات عدم الانفعال المتقدّمة كانت كلّها تامّةً سنداً، وحصل على هذا الأساس دليل كامل على عدم الانفعال، ووقعت المعارضة بين دليلي الانفعال وعدمه فلابدّ من تحقيق ما تتطلّبه هذه المعارضة من إجراء.
ويمكن تصوير هذا الإجراء بعدّة وجوهٍ كما يلي:
الوجه الأوّل: لعلاج التعارض بين الطائفتين دعوى وجود الجمع العرفيّ بحمل النواهي عن الوضوء والشرب من الماء القليل الملاقي للنجاسة على الكراهة. وبتعبيرٍ آخر: على مرتبةٍ غير لزوميةٍ من النجاسة، وحمل روايات الكرّ على أ نّها في مقام تحديد المقدار الذي لا يتغيّر بالملاقاة عادةً جمعاً بينها وبين مادلّ على طهارة الماء القليل الملاقي للنجس مع عدم التغيّر.
ولكنّ هذا الجمع ليس عرفياً بلحاظ جملةٍ من روايات الانفعال، خصوصاً الروايات الواردة في إناطة عدم الانفعال بالكرّية، فإنّ حملها على أ نّها في مقام بيان مرتبة الكثرة الملازمة لعدم التغيّر، أو الكاشفة عنه تعبداً غير مقبولٍ عرفاً، لا لمجرّد أنّ ذلك بيان لأمرٍ خارجي، وليس من شأن الإمام حتى يقال: إنّه متكفّل لجعل الأمارية وهو أمر تشريعي، بل لأنّ التغيّر الذي هو أمر محسوس لا معنى