غير أنّ قوله: «وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان» واضح في أنّ للسائل نظراً إلى انفعال الماء بالقذارة، وليس نظره إلى محذور الماء المستعمل فقط.
وقد يجاب على الاستدلال بهذا الخبر عن طريق إبراز قرينةٍ على اختصاص هذا الخبر بالماء البالغ كرّاً، وهو ظهور كلام الإمام عليه السلام في أنّ الحكم بالانفعال في مورد الرواية يعتبر لوناً من الحرج، مع أنّ من الواضح عدم الحرج في الحكم بانفعال الماء القليل كما في المستمسك[1].
ولكن قد يكون تطبيق الحرج- مع افتراض أنّ الماء قليل- بعناية انحصار الماء بذلك الماء القليل، كما يناسبه مورد الرواية، فيكون الحكم بانفعال الماء القليل في هذا الفرض مؤدّياً إلى بقاء المسافر على نجاسته وحدثه، ووقوعه في المشقّة العرفية من هذه الناحية، فمثل هذا يكفي لتبرير الاستشهاد بنفي الحرج عرفاً.
فالمهمّ إذن هو أنّ الرواية تدلّ على عدم انفعال القليل بالإطلاق القابل للتقييد.
وإذا لم نستظهر من القذارة في قوله: «ويداه قذرتان» القذارة العينية بالخصوص فهناك إطلاق آخر في الرواية، من ناحية وجود عين النجس على اليد وعدمه، فلو فرضنا أ نّه كان مختصّاً بالقليل المقابل للكرّ يظّل قابلًا للتقييد أيضاً بمادلّ على انفعال الماء القليل بملاقاة عين النجاسة.
ومنها: خبر أبي مريم الأنصاريّ الدالّ على أنّ الإمام عليه السلام توضّأ من ماءالدلو الذي رأى فيه الراوي العذرة[2].
[1] مستمسك العروة الوثقى 1: 144
[2] وسائل الشيعة 1: 154، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 12