التعليل بالمادة إليه؛ لأنّ نجاسة الماء المتغيّر لا تتوقّف على المادة.
وأمّا المقطع الرابع- وهو الأمر بالنزح- فهو على حدِّ الأمر بالغسل إرشاد إلى مطهّرية النزح المذهب للتغيّر، فكما يستفاد من الأمر بالغسل الحكم بطهارة الشيء عند غسله كذلك يستفاد من الأمر بالنزح المذهِب للتغيّر الحكم بطهارة ماءالبئر، ويمكن إرجاع التعليل إليه بأن تكون المادة علّةً في حصول الطهارة عند تحقّق النزح الموجب لزوال التغيّر.
وأمّا المقطع الخامس- وهو قوله: «حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه»- فليس له مفاد مستقلّ؛ لأنّ حرف الانتهاء- وهو «حتى»- إنّما يدلّ على نسبةٍ ناقصةٍ مرجعها إلى تحديد مقدار النزح المأمور به.
نعم، هناك قضية متصيَّدة من هذا المقطع، وهي: أنّ زوال التغيّر مترتّب على النزح. وهذه قضية يصحّ تعليلها بالمادة؛ لأنّ المادة هي التي تؤدّي إلى ترتّب زوال التغيّر على النزح، نتيجةً لما يستجدّ بالنزح من ماء.
ولكن حيث إنّ هذه القضية متصيَّدة وليست مدلولًا مباشراً للكلام فإرجاع التعليل إليها لا يخلو من عناية.
وعلى هذا فأمر التعليل بحسب الاستظهار العرفيّ يدور بين ثلاثة أُمور، وهي: السعة، والاعتصام، والطهارة بعد زوال التغيّر. فإذا كان التعليل راجعاً إلى الحكم بالاعتصام تمَّ الاستدلال به على المطلوب. وكذلك إذا كان راجعاً إلى السعة؛ لأنّ السعة إذا كانت بمعنى السعة في الحكم فتعليلها بالمادة هو بنفسه تعليل للاعتصام بالمادة. وإذا كانت بمعنى الكثرة فتكون دالّةً على ما هو المناط لاعتصام البئر، ويكون التعليل بالمادة موضِّحاً أنّ المقصود بالسعة: السعة المعنوية، فيتعدّى إلى سائر موارد السعة المعنوية الناشئة من المادة.
وأمّا إذا كان التعليل راجعاً إلى حصول الطهارة بعد ارتفاع التغيّر بالنزح